ثم إنّ أبا عبيدة انصرف بوجهه على الناس ، فقال : أيها الناس أبشروا ، فإنّي رأيت فيما يرى النائم أنّي أتيت فحفّ بي قوم عليهم ثياب بيض ، ثم دعوا لي منكم رجالا أعرفهم كثيرا فقالوا لنا : أقدموا ولا تهابوا ، فإنكم الأعلون ، فكأنا دخلنا عسكرهم ، فولّوا مدبرين ، فقال له الناس : أصلحك الله ، هذه بشرى ، نامت عيناك (١) وبشّرك الله بخير.
قالوا : فقال له الخولاني : وأنا قد رأيت رؤيا أيضا ، فيما أرى بشرى ، رأيت فيما يرى النائم كأنا خرجنا إليهم ، فلمّا تواقفنا صبّ الله عليهم من السماء طيرا بيضا عظاما ، لها مخاليب كمخاليب الأسد ، ينقضّ من السماء كانقضاض العقبان ، فإذا حاذت الرجل ضربته ضربة يخرّ منها قطعا ، فكان الناس يقولون : أبشروا ، قد أمدّكم الله عليهم بالملائكة.
قال : فتباشر المسلمون بذلك ، وسرّوا به ، قال أبو عبيدة : وهذه رؤيا فحدثوا هاتين الرؤيتين الناس ، فإنّ مثلها من الرؤيا تشجع المسلمين وتحسّن قلوبهم وتبسّطهم للقتال.
وروى أبو مخنف هذه القصة عن القصعب بن زهير ، عن المهاجر بن صيفي العذري ، عن راشد بن عبد الرّحمن الأزدي قال : صلى بنا أبو عبيدة ، فذكرها ، وقال : ثم قال : مرثد الخولاني.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، وأبو العزّ الكيلاني ، قالا : أنا أبو طاهر الباقلاني ـ زاد الأنماطي : وأبو الفضل بن خيرون قالا : ـ أنا محمّد بن الحسن ، أنا محمّد بن أحمد بن إسحاق ، نا عمر بن أحمد بن إسحاق ، نا خليفة بن خيّاط قال (٢) :
في الطبقة الثالثة من أهل الشام (٣) : مرثد بن سمي (٤) ، حمصي ، مات سنة خمس وعشرين ومائة.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ، أنا أبو محمّد بن رباح ، أنا أبو بكر المهندس ، نا أبو بشر الدولابي ، نا معاوية بن صالح ، عن يحيى بن معين (٥) قال في تسمية أهل الشام : مرثد بن سمي الأوزاعي.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا أبو محمّد بن يوة ، أنا أبو
__________________
(١) في «ز» وم : عينك.
(٢) طبقات خليفة بن خيّاط ص ٥٧٣ رقم ٢٩٩٥.
(٣) أقحم بعدها بالأصل وم و «ز» ود : «مات».
(٤) تحرفت في طبقات خليفة إلى : شفي.
(٥) تحرفت بالأصل إلى : مغيرة ، والمثبت عن م ، و «ز» ، ود.