على أمّه ، فقال : فضحتني (١) ، وقصّرت بي ، ونكّست برأسي ، ووضعت أمري ، قالت : وما ذاك؟ قال : تزوجت هذا الرجل ، فصنع بي كذا وكذا ، ثم أخبرها بما قال له ، فقالت : لا يستمع هذا منك أحد ولا يعلم مروان أنك أعلمتني بشيء من ذلك ، وادخل عليه كما كنت تدخل واطو هذا الأمر حتى ترى عاقبته ، فإنّي سأكفيكه وأنتصر لك منه.
فسكت خالد وخرج إلى منزله ، وأقبل مروان حتى دخل على أم خالد بنت أبي هاشم ابن عتبة بن ربيعة ، وهي امرأته ، فقال لها : ما قال لك خالد ما قلت اليوم ، وما حدّثك عني به؟ فقالت : ما حدّثني بشيء ، ولا قال لي ، فقال : ألم يشكني (٢) إليك ويذكر تقصيري به وما كلّمته به؟ فقالت : يا أمير المؤمنين ، أنت أجلّ في عين خالد ، وهو أشدّ لك تعظيما من أن يحكي عنك شيئا أو يجد من شيء تقوله لي ، وإنّما أنت بمنزلة الوالد له ، فانكسر مروان وظنّ أن الأمر على ما حكت له ، وأنها قد صدقت.
ومكث ، حتى إذا كان بعد ذلك وجاءت (٣) القائلة فنام عندها فوثبت هي وجواريها فغلقوا الأبواب على مروان ، ثم عمدت إلى وسادة فوضعتها على وجهه ، فلم تزل هي وجواريها يغمّونه حتى مات (٤) ، ثم قامت فشقّت جيبها عليه وأمرت جواريها وخدمها فشققن وصحن عليه ، وقلن : مات أمير المؤمنين ، فجأة ، وذلك في هلال شهر رمضان سنة خمس وستين ، وكانت ولايته على الشام ومصر ، لم يعد ذلك ثمانية أشهر ، ويقال : ستة أشهر.
وقد قال علي بن أبي طالب له يوما ونظر إليه : ليحملن راية ضلالة بعد ما يشيب صدغاه وله إمرة كلحسة الكلب أنفه.
وبايع أهل الشام بعده لعبد الملك بن مروان ، فكانت الشام ومصر في يد عبد الملك كما كانت في يد أبيه ، وكانت العراق والحجاز في يد ابن الزبير ، وكانت الفتنة بينهما سبع سنين ، ثم قتل ابن الزبير بمكة يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين ، وهو ابن اثنين وسبعين سنة ، واستقام الأمر لعبد الملك بن مروان بعده.
__________________
(١) بالأصل وم و «ز» ، ود : فضحتيني ، والمثبت عن ابن سعد.
(٢) بالأصل وم و «ز» : يشكوني.
(٣) كذا بالأصل ، وفي «ز» : وحلت ، وعند ابن سعد : وحانت.
(٤) وقد قيل في قتله غير ذلك راجع مختلف الأقوال التي جاءت في مقتله. الأخبار الطوال ص ٢٨٥ الإمامة والسياسة ٢ / ٢٣ الكامل لابن الأثير ٢ / ٦٤٧ مروج الذهب ٣ / ١٠٧ تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٥٧ والبداية والنهاية ٨ / ٢٨٢.