هانئ (١) ، وكتب إليهم : إنه ليس يدعو إلى نفسه ، ولكن يدعوهم إلى الشورى ، فقال عمرو ابن قيس السكوني : قد رضينا بوليّ عهدنا ـ يعني ـ ابن الوليد بن يزيد ـ فأخذ يعقوب بن عمير بلحيته فقال : أيها العشمة (٢) ، إنك قد فيّلت (٣) ، وذهب عقلك ، إن الذي تعني لو كان يتيما في حجرك لم يحلّ لك أن تدفع إليه ماله ، فكيف أمر الأمة ، فوثب أهل حمص على رسل يزيد بن الوليد فطردوهم.
وكان أمر حمص (٤) لمعاوية بن يزيد بن حصين ، وليس إلى مروان بن عبد الله بن عبد الملك من أمرهم شيء ، وكان معهم السمط بن ثابت ، وكان الذي بينه وبين معاوية بن يزيد متباعدا ، [وكان معهم أبو محمد السفياني فقال لهم : لو قد أتيت دمشق ، ونظر إليّ أهلها لم يخالفوني](٥) فوجّه يزيد بن الوليد مسرور بن الوليد ، والوليد بن روح في جمع كثير ، فنزلوا بحوّارين (٦) ، أكثرهم بنو عامر من كلب ، ثم قدم على يزيد سليمان بن هشام من عمان (٧) ، فأكرمه يزيد وتزوج أخته أم هشام بنت هشام بن عبد الملك ، ورد عليه ما كان الوليد أخذ من أموالهم ، ووجه به إلى مسرور بن الوليد ، والوليد بن روح ، وأمرهما بالسمع له والطاعة ، وأقبل أهل حمص ، فنزلوا قرية كانت لخالد بن يزيد بن معاوية.
حدّثني أحمد ، حدّثني علي ، عن عمرو بن مروان الكلبي ، حدّثني عمرو بن محمّد ، ويحيى بن عبد الرّحمن البهراني (٨) قالا :
قام مروان بن عبد الله فقال : يا هؤلاء ، إنكم خرجتم لجهاد عدوكم ، والطلب بدم خليفتكم ، وخرجتم مخرجا أرجو أن يعظّم الله به أجركم ، ويحسن عليه ثوابكم ، وقد نجم لكم منهم قرن ، وسال إليكم منهم عنق ، إن أنتم قطعتموه اتبعه ما بعده ، وكنتم عليهم أجراء ، وكانوا عليكم أهون ، ولست أرى المضي إلى دمشق ، وتخليف (٩) هذا الجيش خلفكم ، فقال السمط بن ثابت : هذا والله العدو القريب الدار ، يريد أن ينقض جماعتكم ؛ وهو ممايل للقدرية.
__________________
(١) في تاريخ الطبري : يعقوب بن هانئ.
(٢) العشمة : الكبير الهرم ، والشيخ الفاني.
(٣) قال رأيه : أخطأ وضعف.
(٤) من قوله حمص ... إلى هنا استدرك على هامش م.
(٥) ما بين معكوفتين استدرك عن تاريخ الطبري.
(٦) حوارين : حصن من ناحية حمص ، بها مات يزيد بن معاوية (معجم البلدان).
(٧) قوله : «من عمان» ليس في تاريخ الطبري.
(٨) تاريخ الطبري ٧ / ٢٦٣.
(٩) بالأصل : ويخلف ، وفي «ز» : ونخلف ، والمثبت عن الطبري.