قلت : وسيأتي ما يخالف هذا مع بيان قبائل الأوس المنتشرة من هؤلاء.
وروى الخرائطي أنه لما حضرت الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو الوفاة اجتمع عليه قومه ، فقالوا : قد حضر من أمر الله ما ترى ، وقد كنا نأمرك في شبابك أن تتزوج فتاة ، وهذا أخوك الخزرج له خمسة بنين وليس لك ولد غير مالك ، فقال : لن يهلك هالك ، ترك مثل مالك ، إن الذي يخرج النار من الرينة قادر أن يجعل لمالك نسلا ، ورجالا بسلا ، وكل إلى موت ، ثم أقبل على مالك فقال : أي بني ، المنية ولا الدنية ، وذكر حكما سجع بها ، قال : ثم أنشأ يقول :
شهدت السبايا يوم آل محرّق |
|
وأدرك عمري صيحة الله في الحجر |
فلم أر ذا ملك من الناس واحدا |
|
ولا شوقه إلا إلى الموت والقبر |
فعلّ الذي أردى ثمودا وجرهما |
|
سيعقب لي نسلا على آخر الدهر |
تقربهم من آل عمرو بن عامر |
|
عيون لدى الداعي إلى طلب الوتر |
فإن تكن الأيام أبلين جدّتي |
|
وشيبن رأسي والمشيب مع العمر |
فإنّ لنا ربّا علا فوق عرشه |
|
عليما بما يأتي من الخير والشر |
ألم يأت قومي أنّ لله دعوة |
|
يفوز بها أهل السعادة والبرّ |
إذا بعث المبعوث من آل غالب |
|
بمكة فيما بين زمزم والحجر |
هنالك فابغوا نصره ببلادكم |
|
بني عامر ؛ إن السعادة في النصر (١) |
ثم قضى من ساعته.
وقال ابن حزم : إن بني عامر بن عمرو بن مالك بن الأوس كانوا كلهم بعمان لم يكن منهم بالمدينة أحد ؛ فليسوا من الأنصار.
قال الشرقي : وولد الخزرج بن حارثة أخو الأوس أيضا خمس بنين. وتفرقوا بطونا كثيرة.
قلت : وهم عمرو ، وعوف ، وجشم ، وكعب ، والحارث ، وسيأتي بيان ما انتشر من قبائلهم.
وقال ابن حزم : إن عقب السائب بن قطن بن عوف بن الخزرج لم يكن منهم أحد بالمدينة ، كانوا بعمان ؛ فليسوا من الأنصار ، وذكر نحو ذلك في بعض بني الحارث بن الخزرج الأكبر كما سيأتي ، وذكر أيضا أن بعض بني جفنة بن عمرو مزيقياء كانوا بالمدينة في عداد الأنصار ، والله أعلم.
__________________
(١) ابغوا : أعينوه على طلبه.