وكل هؤلاء بنو سلمة ، وكانوا بهذه الدور ، وكلمتهم واحدة ، وملكوا عليهم أمّة بن حرام ، فلبث فيهم زمانا حتى هلك رجل من بني عبيد ذو أموال كثيرة ، له ولد واحد اسمه صخر ، فأراد أمة أن ينزع طائفة من أمواله فيقسمها في بني سلمة ، فعظم ذلك على صخر ، وشكا ذلك على بني عبيد وبني سواد ، وقال : إن فعل أمة ذلك لأضربنه بالسيف ، وسألهم أن يمنعوه إن هو فعل ، فأطاعوا له ، فلما فعل أمة ذلك ضربه صخر فقطع حبل عاتقه ، وقامت دونه بنو عبيد وبنو سواد ، فنذر أمة أن لا يؤويه ظل بيت ما عاش حتى يقتل بنو سلمة صخرا أو يأتوه به فيرى فيه رأيه ، وجلس أمة عند الضرب الذي فوق مسجد الفتح مما يلي الجرف في الشمس ، فمرت به وليدة حطابة فقالت : مالك يا سيدي هنا في الشمس؟ فقال :
إن قومي أجمعوا لي أمرهم |
|
ثم نادوا لي صخرا فضرب |
إنني آليت لا يسترني |
|
سقف بيت من حرور ولهب |
أبدا ما دام صخر آمنا |
|
بينهم يمشي ولا يخشى العطب |
فذهبت الجارية ، فأخبرتهم ، فربطوا صخرا ثم أتوه به ، فعفا عنهم وأخذ الذي كان يريد أن يأخذ من أمواله ؛ فهذا خبر ما دخل بين بني سلمة.
وروى ابن شبة عن جابر بن عبد الله أن بني سلمة قالوا : يا رسول الله ، نبيع دورنا ونتحول إليك ، فإن بيننا وبينك واديا؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اثبتوا فإنكم أوتادها ، وما من عبد يخطو إلى الصلاة خطوة إلا كتب الله له أجرا».
وروى أيضا عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة قال : شكا أصحابنا ـ يعني بني سلمة وبني حرام ـ إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن السيل يحول بينهم وبين الجمعة ، وكانت دورهم مما يلي نخيلهم ومزارعهم في مسجد القبلتين ومسجد الخربة ، فقال لهم النبي صلىاللهعليهوسلم : «وما عليكم لو تحولتم إلى سفح الجبل» يعني سلعا ، فتحولوا ؛ فدخلت حرام الشّعب ، وصارت سواد وعبيد إلى السفح.
قلت : وشعب بني حرام معروف بسلع ، وهناك آثار منازلهم وآثار مسجدهم في غربي جبل سلع على يمين السالك إلى مساجد الفتح من الطريق القبلية ، وعلى يسار السالك إلى المدينة وعلى مقربة من محاذاته في جهة المغرب حصن خل.
وروى ابن زبالة ويحيى من طريقه عن جابر بن عبد الله قال : كان السيل يحول بين بني حرام وبين مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنقلهم عمر بن الخطاب إلى الشعب ، وكلهم قوما