وجعل صلىاللهعليهوسلم النقباء على عدة الأسباط ، وروى أنه نقب على النقباء أسعد بن زرارة ، فتوفي بعد والمسجد النبوي يا بنى ، قيل : فاجتمعت بنو النجار إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسألوه أن يجعل منهم شخصا بدله نقيبا عليهم ، فقال لهم : أنتم أخوالي ، وأنا فيكم ، وأنا نقيبكم ، وكره صلىاللهعليهوسلم أن يخص بها بعضهم دون بعض ، فكان ذلك من فضل بني النجار الذي يعدون.
قال ابن إسحاق : وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال للنقباء : أنتم كفلاء على قومكم كفالة الحواريين لعيسى بن مريم ، قالوا : نعم.
وحدث عاصم بن عمر بن قتادة أن القوم لما اجتمعوا للبيعة قال العباس بن عبادة بن نضلة أخو بني سالم بن عوف : يا معشر الخزرج ، هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟ قالوا : نعم ، قال : إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس ، فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت (١) أموالكم مصيبة وأشرافكم قتلا أسلمتموه فمن الآن ، فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة. وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على ما ذكرت لكم فهو والله خير الدنيا والآخرة ، قالوا : فإنا نأخذه على ما قلت ، فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا؟ قال : الجنة ، قالوا : ابسط يدك ، فبسط يده فبايعوه.
قال عاصم : ما قال ذلك العباس إلا ليشد العقد في أعناقهم ، وقال غيره : أراد التأخير تلك الليلة رجاء أن يحضر عبد الله بن أبي بن سلول فيكون أقوى للأمر.
أول من بايع
قال ابن إسحاق : فبنو النجار يزعمون أن أبا أمامة أسعد بن زرارة كان أول من ضرب على يده ، وبنو عبد الأشهل يقولون : بل أبو الهيثم بن التيهان ، وفي حديث كعب المتقدم أنه البراء ابن معرور ، ثم بايع القوم.
وفي المستدرك عن ابن عباس : كان البراء بن معرور أول من بايع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيعة العقبة ، وعند أحمد عن جابر وعند الحاكم في الإكليل عن كعب بن مالك : قال عبد الله بن رواحة : يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت ، فقال : أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم ، قالوا : فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال : الجنة ، قالوا : ربح البيع ، لا نقيل ولا نستقيل ، فنزل (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) [التوبة : ١١١] الآية.
وفي حديث كعب المتقدم بعد ذكر صراخ الشيطان أن العباس بن نضلة قال للنبي
__________________
(١) نهكت أموالكم مصيبة : أذهبت أموالكم مصيبة.