جابر. ولم يكن أسلم قبل ، فعرفناه أمر الإسلام ، فأسلم حينئذ وصار من النقباء (١) ، قال : فنمنا تلك الليلة في قومنا في رحالنا ، حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلىاللهعليهوسلم تسلل القطا مستخفين ، فاجتمعنا في الشعب عند العقبة ثلاثة وسبعين رجلا ، ومعنا امرأتان : أم عمارة بنت كعب إحدى نساء بني مازن ، وأسماء بنت عمر بن عدي إحدى نساء بني سلمة ، قال : فجاء ومعه العباس ، فتكلم فقال : إن محمدا منا من حيث علمتم ، وقد منعناه ، وهو في عز ، وقد أبى إلا الانحياز إليكم ، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه فأنتم وذاك ، وإلا فمن الآن ، قال : فقلنا : قد سمعنا ما قلت ، فتكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت ، فتكلم ، فدعا إلى الله ، وقرأ القرآن ، ورغب في الإسلام ، ثم قال : أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم ، قال : فأخذ البراء بن معرور بيده ، فقال : نعم والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا ، فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أصحاب الحروب وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر ، فاعترض القول والبراء يكلم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أبو الهيثم بن التيهان فقال : يا رسول الله ، إن بيننا وبين الرجال ـ يعني اليهود ـ حبالا ونحن قاطعوها ، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا ، قال : فتبسم النبي صلىاللهعليهوسلم ثم قال : بل الدم الدم والهدم الهدم (٢) ، أنا منكم وأنتم مني ، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم بما فيهم ، فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا ، تسعة من الخزرج ، وثلاثة من الأوس : فمن الخزرج أسعد بن زرارة نقيب بني النجار ، وسعد بن الربيع وعبد الله بن رواحة نقيبا بني الحارث بن الخزرج ورافع بن مالك بن العجلان نقيب بني زريق ، والبراء بن معرور وعبد الله بن عمرو بن حرام نقيبا بني سلمة ، وعبادة بن الصامت نقيب القبائل وفي الطبراني أنه نقيب بني عدي من الخزرج ، فكأنه نقيب الجميع ، وسعد بن عبادة ، والمنذر بن عمرو نقيبا بني ساعدة ـ ومن الأوس أسيد بن حضير نقيب بني عبد الأشهل ، وسعد بن خيثمة ورفاعة بن عبد المنذر نقيبا بني عمرو بن عوف.
قال ابن إسحاق : وأهل العلم يعدون فيهم أبا الهيثم بن التيهان ، ولا يعدون رفاعة.
قلت : فيكون أبو الهيثم نقيبا ثانيا لبني عبد الأشهل فإنه منهم ، وقد صرحوا به.
__________________
(١) النقيب : كبير القوم المعنيّ بشئونهم. (ج) نقباء.
(٢) دم هدم : دم مهدور.