في مائتي راكب ، وقيل : في أربعين ، حتى أتوا العريض ، فحرق نخلا ، وقتل رجلا من الأنصار وأجيرا له ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم في طلبه ، وجعل أبو سفيان وأصحابه يتخففون للهرب فيلقون جرب السويق ، فأخذها المسلمون فرجعوا ، وذلك بعد بدر ، فإن أبا سفيان حلف بعدها أن لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا ، ففعل ذلك ، ورأى أن يمينه انحلت ، والله أعلم.
ثم مات عثمان بن مظعون في ذي الحجة ، فهو أول من مات من المهاجرين بالمدينة ، ثم صلّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلاة العيد ، ثم ضحى بكبش ، ثم بنى علي بفاطمة في ذي الحجة.
قلت : وقال النووي : وتوفيت في ذي الحجة منها رقية ابنته صلىاللهعليهوسلم لكن ذكر أهل السير ما يقتضي أن وفاتها كانت في رمضان منها ، والله أعلم.
السنة الثالثة من الهجرة
السنة الثالثة : ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من لكعب بن الأشرف»؟ فقال محمد بن مسلمة : أنا له ، ثم قتله.
قلت : ابن الأشرف كان أصله عربيا من نبهان على ما قاله ابن إسحاق ، أتى أبوه المدينة فخالف بني النضير ، فشرف فيهم ، وتزوج بنت أبي الحقيق ، فولدت له كعبا ، وكان جسيما شاعرا ، وهجا المسلمين بعد وقعة بدر ، وخرج إلى مكة وأنشدهم الأشعار ، وبكى أصحاب القليب (١) من قريش ، ونزل فيهم على المطلب بن أبي وداعة السهمي ، وعنده عاتكة بنت أبي العيص ابن أمية ، فهجاه حسان وهجا امرأته عاتكة ، فطردته ، فرجع إلى المدينة وشبب بنساء المسلمين ، وكان يهجو رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويحرض عليه كفار قريش ، وقيل : صنع طعاما وواطأ يهود أن يدعو النبي صلىاللهعليهوسلم فإذا حضر فتكوا به ، ثم دعاه ، فأعلمه جبريل فقام منصرفا وقال : «من لكعب بن الأشرف» فانتدب له محمد بن مسلمة في نفر ، واحتال عليه حتى نزل له ليلا فقتله ، وقيل : أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم سعد بن معاذ أن يبعث رهطا ليقتلوه ، والله أعلم.
غزوة الكدر
ثم غزا غزوة الكدر ، وكان حامل لوائه علي بن أبي طالب ، فرجع ولم يلق كيدا.
قلت : خرج فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم يريد بني سليم ، واستخلف سباع بن عرفطة ، وقيل :
__________________
(١) القليب : البئر. أصحاب القليب : المشركون الذين قتلوا ببدر ، وطرحوا بالبئر.