والأنوف والفروج ويبقرون البطون ، وهم يظنون أنهم أصابوا النبي صلىاللهعليهوسلم وأشراف أصحابه ، فقال أبو سفيان يفتخر بإلهه : «اعل هبل» فناداه عمر : الله أعلى وأجل ، ورجع المشركون إلى أثقالهم.
الرسول يقتل أبي بن خلف
قال ابن إسحاق : كان أول من عرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد الهزيمة ، وتحدث الناس بقتله ، كعب بن مالك الأنصاري ، قال : عرفت عينيه يزهران تحت المغفر ، فناديت بأعلى صوتي : يا معشر المسلمين ، أبشروا هذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأشار إلي أن أنصت ، فلما عرف المسلمون رسول الله صلىاللهعليهوسلم نهضوا به ، ونهض معهم نحو الشعب معه أبو بكر وعمر وعلي وطلحة والزبير والحارث بن الصمة ورهط من المسلمين ، فلما أسند رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الشعب أدركه أبي بن خلف وهو يقول : أين محمد؟ لا نجوت إن نجا ، فقال القوم : يا رسول الله أيعطف عليه رجل منا؟ فقال : دعوه ، فلما دنا تناول رسول الله صلىاللهعليهوسلم الحربة من الحارث بن الصمة ، يقول بعض القوم : فلما أخذها رسول الله صلىاللهعليهوسلم استقبله فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها (١) عن فرسه مرارا ، وكان أبي بن خلف يلقى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة فيقول : يا محمد إن عندي العود فرسا أعلفه كل يوم فرقا (٢) من ذرة أقتلك عليه ، فيقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أنا أقتلك إن شاء الله ، فلما رجع إلى قريش وقد خدشه في عنقه خدشا غير كبير فاحتقن الدم ، قال : قتلني والله محمد ، فقالوا : ذهب والله فؤادك ، والله إن يك بأس ، قال : إنه قد كان ، قال بمكة : أنا أقتلك ، فوالله لو بصق علي لقتلني ، فمات عدو الله بسرف وهم قافلون (٣) إلى مكة ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما قاله يومئذ : اشتد غضب الله على رجل قتله رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسحقا لأصحاب السعير.
وفي الصحيح عن عائشة قالت : لما كان يوم أحد هزم المشركون هزيمة بينة ، فصاح إبليس : أي عباد الله ، أخراكم ، فرجعت أولاهم ، فاجتلدت مع أخراهم ، فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه فنادى : أي عباد الله ، أبي أبي ، فقالت : فو الله ما احتجزوا حتى قتلوه ، فقال حذيفة : يغفر الله لكم.
ونقل الأقشهري أن أبا سفيان بن حرب قال يومئذ لبني عبد الدار : إنكم ضيعتم اللواء يوم بدر ، فأصابنا ما رأيتم ، فادفعوا اللواء إلينا نكفكم ، وإنما أراد تحريضهم على القتال
__________________
(١) تدأدأ : تمايل.
(٢) الفرق : مكيال يساوي ثلاثة آصع.
(٣) قافلون : عائدون.