ووقع عند أبي يعلى في حديث عمر المتقدم : فلما كان عام أحد عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء ، فقتل منهم سبعون.
وفي الاكتفاء : أنه لما قتل مصعب بن عمير أعطى رسول الله صلىاللهعليهوسلم اللواء علي بن أبي طالب ، فقاتل في رجال من المسلمين ، ولما اشتد القتال جلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم يومئذ تحت راية الأنصار ، وأرسل إلى علي أن قدم الراية ، فتقدم فقال : أنا أبو القصم ، فناداه أبو سعد بن أبي طلحة : هل لك يا أبا القصم في البراز من حاجة؟ قال : نعم ، فبرزا بين الصفين ، فاختلفا ضربتين : فضربه علي فصرعه ، ثم انصرف ولم يجهز عليه (١) ، فقال له أصحابه : أفلا أجهزت عليه؟ فقال : إنه استقبلني بعورته ، فعطفتني عليه الرحم ، وعرفت أن الله قد قتله.
وقد قيل : إن سعد بن أبي وقاص هو الذي قتل أبا سعد هذا.
وروى الطبراني برجال الصحيح عن ابن عباس قال : دخل علي بن أبي طالب على فاطمة يوم أحد فقال : خذي هذا السيف غير ذميم ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : لئن كنت أحسنت القتال فقد أحسنه سهل بن حنيف وأبو دجانة بن خرشة.
وذكر في الاكتفاء دخول الحلقتين من حلق المغفر في وجنته صلىاللهعليهوسلم وأنه وقع في حفرة من الحفر التي عمل أبو عامر الراهب ليقع فيها المسلمون وهم لا يعلمون ، فأخذ علي بيده ، ورفعه طلحة حتى استوى قائما ، ومص مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري الدم من وجهه ، ونزع أبو عبيدة بن الجراح إحدى الحلقتين من وجهه صلىاللهعليهوسلم فسقطت ثنيته ، ثم نزع الأخرى فسقطت ثنيته الأخرى ، ورمى سعد بن أبي وقاص دون رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال سعد : فلقد رأيته يناولني النبل ويقول : «ارم فداك أبي وأمي» ، وأصيب يومئذ عين قتادة بن النعمان فردها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيده ، فكانت أحسن عينيه ، وأصيب فم عبد الرحمن بن عوف فهتم ، وجرح عشرين جراحة أو أكثر أصابه بعضها في رجله فعرج ، فلما انتهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الشعب ومعه أولئك النفر من أصحابه ، فبينا هم في الشعب إذ علت عالية من قريش : الجبل ، فقال : اللهم إنه لا ينبغي لهم أن يعلونا ، فقاتل عمر بن الخطاب ورهط معه من المهاجرين حتى أهبطوهم من الجبل ، ونهض رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى صخرة من الجبل ليعلوها فلم يستطع ، وقد كان بدّن (٢) وظاهر بين درعين (٣) ، فجلس تحته طلحة بن
__________________
(١) أجهز على الجريح : أسرع في قتله وتمم عليه.
(٢) بدن : سمن و ـ ضخم.
(٣) ظاهر بين الدرعين : طابق بينهما.