وكان المسلمون ثلاثة آلاف ـ وقيل : كان المسلمون ألفا ، والمشركون أربعة آلاف ـ وذكر موسى بن عقبة أن مدة الحصار كانت عشرين يوما ، ونزلت قريش بمجتمع السيول من رومة بني الجرف وزغابة ، وغطفان ومن تبعهم من أهل نجد بذنب نقمى إلى جانب أحد.
وفي رواية ابن مردويه عن ابن عباس : ونزل عيينة في غطفان ومن معهم من أهل نجد إلى جانب أحد بباب نعمان ، وخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع ، والخندق بينه وبين القوم ، وجعل النساء والذراري في الآطام.
وقال ابن إسحاق : نزلت قريش بمجتمع السيول في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تبعهم من بني كنانة وتهامة ، ونزل عيينة في غطفان ، وذكر ما تقدم من رواية ابن عباس المذكورة.
وروى الطبراني ورجاله ثقات عن رافع بن خديج قال : لم يكن حصن أحصن من حصن بني حارثة ، فجعل النبي صلىاللهعليهوسلم النساء والصبيان والذراري فيه ، وقال : إن لم يكن أحد فالمعن بالسيف ، فجاءهن رجل من بني ثعلبة بن سعد يقال له «نجدان» أحد بني جحاش على فرس حتى كان في أصل الحصن ، ثم جعل يقول للنساء : أنزلن إلي خير لكن ، فحركن السيف ، فأبصره أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فابتدر الحصن (١) قوم فيهم رجل من بني حارثة يقال له : ظفر بن رافع ، فقال : يا نجدان ابرز ، فبرز إليه ، فحمل عليه فقتله ، وأخذ رأسه فذهب به إلى النبيصلىاللهعليهوسلم.
وروى البزار بإسناد ضعيف عن الزبير بن العوام رضياللهعنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما خرج للخندق جعل نساءه وعمته صفية في أطم يقال له «فارع» وجعل معهم حسان بن ثابت ، فرقي يهودي حتى أشرف على نساء رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعلى عمته ، فقالت صفية : يا حسان قم إليه حتى تقتله ، قال : لا ، والله ما ذاك فيّ ، ولو كان في لخرجت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم قالت صفية : فاربط
السيف على ذراعي ، ثم تقدمت إليه حتى قتلته ، وقطعت رأسه ، فقالت له : خذ الرأس فارم به على اليهود ، قال : ما ذاك فيّ ، فأخذت هي الرأس فرمت به على اليهود ، فقالت اليهود : قد علمنا أن لم يك يترك أهله خلوفا ليس معهم أحد ، فتفرقوا وذهبوا.
وروى أحمد بإسناد قوي عن عبد الله بن الزبير قال : كانت صفية في حصن حسان بن ثابت يوم الخندق ، أي : وهو المسمى بفارع ، فذكر الحديث في قتلها اليهودي وقولها لحسان : انزل فاسلبه (٢) ، فقال : ما لي بسلبه حاجة.
__________________
(١) ابتدر الحصن قوم : أسرع إليه جماعة.
(٢) سلب القتيل : ما يؤخذ من القتيل من ثياب وسلاح ودابة.