اليوم : أي في زمنه ، وما زاد على ذلك فهو خارج عن المسجد الأول ، قال ـ يعني المحاسبي ـ وقد روى عن مالك أنه قال : مؤخر المسجد بحذاء عضادة الباب الثاني من الباب الذي يقال له باب عثمان ، أعني العضادة الآخرة السفلى ، وهو أربع طيقان من المسجد ، ثم قال : والروضة ما بين القبر والمنبر ، إلى آخر ما قدمناه عنه.
وقوله «عن يمين المنبر» أي في جهة المشرق ، لما سبق عنه خلاف ما تقدم في كلام ابن زبالة ، فإنه عنى يمين مستقبل المنبر ، والطيقان التي ذكرها لها ذكر في كلام ابن زبالة ويحيى كما تقدم ، وهي غير موجودة اليوم ، والباب الثاني من باب عثمان هو المعروف اليوم بباب النساء ؛ فهو صريح في رد ما تقدم من تحديد جهة الشام بالحجرين الموجودين اليوم في صحن المسجد ، ومؤيد للرواية المتقدمة في الذرع ، وهي رواية مائة ذراع في مائة ذراع ؛ لأنه يقرب من ذلك.
وقد تحصلنا من هذا مع ما تقدم عن المتأخرين على خلاف في نهاية المسجد النبوي من جهة المغرب.
فأحد الأقوال : أنه إلى الأسطوانة التي تلي المنبر من تلك الجهة ، وهو الذي عوّل عليه ابن النجار ومن اتبعه.
والثاني : أنه إلى التي تليها ، وهي الثانية من المنبر من تلك الجهة أيضا ، وهما بعيدان.
والثالث : أنه إلى الأسطوانة الثالثة من المنبر في تلك الجهة ، وقد اقتضى كلام ابن زبالة أن ذلك حد المسجد قبل زيادة النبي صلىاللهعليهوسلم فيه ، خلاف ما يظهر من كلام المحاسبي.
والرابع : أنه إلى الأسطوانة الرابعة من المنبر ؛ لما تقدم من أنه كان على ثلاثة أساطين عن يمين المنبر ؛ فيكون جداره الغربي في موضع الأسطوانة الرابعة في صفها من جهة القبلة أسطوان مربع من أسفله عن الأرض بقدر الجلسة ، وفي صفه من جهة الشام أسطوان محراب الحنفية المحدث.
والخامس : أنه إلى الأسطوانة الخامسة من المنبر ؛ لما تقدم من أن النبي صلىاللهعليهوسلم زاد فيه بعد فتح خيبر من جهة المغرب بقدر أسطوان آخر ، كما يؤخذ مما تقدم ، ولما صرح به ابن زبالة كما قدمناه أيضا حيث قال في حده : وعن غربيه أربع أساطين ؛ فينتهي حده إلى الأسطوانة الخامسة من المنبر ، وهي التي تلي الأسطوانة المذكورة في جهة المغرب في صفها ، وهي مربعة من أسفلها بقدر الجلسة أيضا ، وفي صفها من جهة الشام الأسطوان التي تلي محراب الحنفية من جهة المغرب ، فهاتان المربعتان هما اللتان يتردد فيما يكون منهما في موازاة حد المسجد النبوي من جهة المغرب ، وقد ذهب تربيعهما في العمارة