المتجددة في زماننا بعد الحريق ؛ والمربعة الثانية ـ أعني الخامسة من المنبر ـ هي التي يترجح عندي أيضا ؛ لأن تجاهها في حائط القبلة طراز آخذ من السقف نازل إلى العصابة السفلى الظاهرية ، لكنه انقشر بعضه عند إصلاح العصابة العليا وتبييض الجدار في العمارة التي أدركناها أولا ، وذهب منه ما كان بين العصابتين ، وبعض ما فوق العليا ، وبقي منه ما بين العصابة العليا والسقف ، ثم ذهب بقيته في الحريق الحادث في زماننا ، وبقي موضعه أصباغ ملونة في الجدار من صناعة الأقدمين ، وقد ذهب ذلك عند هدم الجدار القبلي ؛ فالظاهر أنه علامة نهاية المسجد النبوي من هذه الجهة ، خلاف ما سيأتي عن المطري في جعله علامة لنهاية زيادة عثمان رضياللهعنه ؛ لوجوه : الأول : أني ذرعت من الأسطوان التي المنبر إلى الأسطوان المحاذية لهذا الطراز ؛ فكان ذلك سبعا وثلاثين ذراعا ، فإذا أضفنا ذلك إلى الذرع المتقدم فيما بين الأسطوان التي تلي المنبر وبين الحجرة الشريفة ، وهو نحو الستين ذراعا كما تقدم ، قارب ذلك المائة التي تقدمت الرواية بها.
الثاني : أنه يبعد أن يجعل هذا الطراز لزيادة عثمان رضياللهعنه كما زعمه المطري ، ويترك التعليم للمسجد الأصلي والاعتناء به أشد. وقد قال ابن زبالة : إن له علامات في الفسيفساء ، والظاهر أن الفسيفساء لما زالت جعل هذا بدلها.
الثالث : أنه سيأت أن عمر لما زاد في المسجد جعل عرضه مائة وعشرين ذراعا ، وأنه لم يزد فيه من جهة المشرق شيئا ؛ فيكون نهاية المسجد في زمنه من جهة المشرق الحجرة الشريفة ، وقد علمت أن من الحجرة الشريفة إلى ما يحاذي الطراز المذكور ينقص عن المائة ، فكيف يكون نهاية زيادة عثمان؟ وعثمان قد زاد أسطوانا من جهة المغرب على زيادة عمر ، فلو كان ذلك الطراز نهاية زيادة عثمان لزم أن يكون عرض المسجد في زمن عمر نحو التسعين ، ولا قائل به.
الرابع : أنه سيأتي أن عثمان رضياللهعنه لم يزد في جهة المغرب غير أسطوانة واحدة ، وأن زيادة الوليد من المغرب أسطوانتان ، ولا شك أن من الأسطوانة التي تحاذي الطراز المذكور إلى جدار المسجد الغربي خمس أساطين ، فإذا سقط منها ثلاث أساطين لعثمان رضياللهعنه وللوليد بقي أسطوانتان لزيادة عمر رضياللهعنه ، وهما يقربان من عشرين ذراعا التي زادها عمر رضياللهعنه على المائة كما سيأتي.
الخامس : أن موضع المنبر لم يغير كما سيأتي ، ويبعد كل البعد أن يجعل النبي صلىاللهعليهوسلم موضع منبره في طرف مسجده ولا يتوسط أصحابه في حال قيامه.
السادس : أنه سيأتي أن عمر رضياللهعنه زاد في المسجد شيئا من دار العباس وأن