القبلتين ـ وقد صلى بأصحابه ركعتين من صلاة الظهر ، فتحول في الصلاة ، واستقبل الميزاب ، وحول الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال.
وروى ابن أبي حاتم في تفسيره من طريق تويلة بنت أسلم قالت : صليت الظهر والعصر في مسجد بني حارثة ، فاستقبلت مسجد إيلياء ، فصلينا سجدتين : أي ركعتين ، ثم جاءنا من يخبرنا أن النبي صلىاللهعليهوسلم قد استقبل البيت الحرام ، فتحول النساء مكان الرجال ، والرجال مكان النساء ، فصلينا السجدتين الباقيتين إلى البيت الحرام.
قال الحافظ ابن حجر : وهذه القصة المرادة بقوله في الحديث المتقدم «فمر على قوم من الأنصار يصلون في صلاة العصر نحو بيت المقدس» فهؤلاء القوم هم بنو حارثة ، والمار عباد بن بشر ، ووصل الخبر وقت الصبح إلى أهل قباء ، فلا منافاة بين الحديثين.
وسيأتي في مسجد القبلتين أن ابن زبالة نقل أن القبلة صرفت ونفر من بني سلمة يصلون الظهر في مسجد القبلتين ، فأتاهم آت فأخبرهم وقد صلوا ركعتين فاستداروا حتى جعلوا وجوههم إلى الكعبة ، فبذلك سمي مسجد القبلتين.
قال المجد : فعلى هذا كان مسجد قباء أولى بهذه التسمية.
مدة الصلاة إلى بيت المقدس
وعند أبي القاسم القشيري في لطائف التفسير : صلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى بيت المقدس بعد قدومه المدينة مهاجرا ستة عشر شهرا عن قتادة ، وقيل : سبعة عشر شهرا عن ابن عباس ، وقال أنس : كان تسعة أشهر أو عشرة أشهر ، وقال معاذ بن جبل : ثلاثة عشر شهرا استمالة لقلوب اليهود أن يصلي إلى قبلتهم ربما يرغبون في دينه ، ثم إنه صلىاللهعليهوسلم كره موافقتهم في أمر القبلة لما قالوا : لو لا أن ديننا حق لما صلّى إلى قبلتنا ، ولما استن بسنتنا ، فقال صلىاللهعليهوسلم لجبريل : وددت أن ربي صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها ، فقال جبريل : إنما أنا ملك عبد ، لا أملك شيئا ، فسل ربك ، فصعد جبريل السماء ، وخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الصحراء نحو أحد يصلي هاهنا ركعتين وهاهنا ركعتين ، ويدعو الله أن يجيز له في ذلك ، فلم يزل كذلك يديم النظر إلى السماء ، حتى دخل ناحية أحد ، فأنزل الله تعالى في رجب بعد زوال الشمس قبل الظهر : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) [البقرة : ١٤٤] الآية ، وصرفت القبلة ، وذلك قبل بدر بشهرين ، وفي السير لابن حبان : حولت بعد سبعة عشر شهرا وثلاثة أيام ، وحديث البراء المتقدم رواه ابن خزيمة في صحيحه «ستة عشر شهرا» على الجزم كرواية مسلم الأولى ، وقال الشيخ شرف الدين الدمياطي : حوّلت القبلة نصف رجب بعد خمسة عشر شهرا ونصف ، ونقل النووي في سير الروضة عن محمد بن حبيب الهاشمي أن التحويل يوم الثلاثاء النصف من شعبان من السنة الثانية. ونقل المجد عن ابن