تبايع ، وقد أمرت ابني عمر بن أبي سلمة أن يبايع ، فأتى جابر بسرا فبايعه ، وهدم بسر دورا بالمدينة ، ثم انطلق.
وفي رواية ستأتي في الفصل الخامس عشر أن أهل المدينة فرّوا يومئذ حتى دخلوا الحرة حرة بني سليم ، والله أعلم.
وفي الكبير للطبراني حديث : «من آذى أهل المدينة آذاه الله ، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، ولا يقبل منه صرف ولا عدل».
وروى ابن النجار حديث : «من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله ، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا» والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
وعيد من أحدث بها حدثا
وفي الصحيحين في أحاديث تحريم المدينة : «فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا» ولفظ البخاري : «لا يقبل منه صرف ولا عدل» قيل : الصرف الفريضة ، والعدل التطوع ، ونقل عن الجمهور ، وقيل : عكسه ، وقيل : الصرف التوبة ، والعدل الفدية ، قيل : والمعنى لا يقبل الله فريضته ونافلته أو توبته قبول رضا ، ولا يجد في القيامة فداء يفتدى به من يهودي أو نصراني ، بخلاف سائر المذنبين ، وقيل غير ذلك ، ومعنى هذا اللعن المبالغة في الإبعاد عن رحمة الله تعالى والطرد عن الجنة أول الأمر لأنه كلعن الكفار.
قال القاضي : ومعنى قوله : «من أحدث فيها حدثا إلى آخره» من أتى فيها إثما أو آوى من أتاه وضمه إليه وحماه ، وآوى بالمد والقصر ، قال : واستدلوا به على أن ذلك من الكبائر ؛ لأن اللعنة لا تكون إلا في كبيرة.
قلت : فيستفاد منه أن إثم الصغيرة بها كإثم الكبيرة بغيرها ؛ لصدق الإثم بها ، بل نقل الزركشي عن مالك رحمهالله ما يقتضي شمول الحديث المذكور للمكروه كما بيناه في الأصل ، وذلك لأن الإساءة بحضور الملك ليست كالإساءة في أطراف المملكة ، وفقنا الله تعالى لحسن الأدب في هذه الحضرة الشريفة بمنّه وكرمه!!