وصاعنا» الحديث ، وفي الكبير له ورجاله ثقات عن ابن عباس نحوه ، وروى أحمد والبزار وإسناده حسن عن جابر قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم نظر يوما إلى الشام فقال : اللهم أقبل بقلوبهم ، ونظر إلى العراق فقال : اللهم مثل ذلك ، ونظر قبل كل أفق ففعل ذلك ، وقال : اللهم ارزقنا من ثمرات الأرض ، وبارك لنا في مدنا وصاعنا» وفي الصحيحين حديث «اللهم بارك لهم في مكيالهم ، وبارك لهم في صاعهم ، وبارك لهم في مدهم» قال القاضي في الكلام عليه : البركة هنا بمعنى النمو والزيادة ، وتكون بمعنى الثبات ، فقيل : يحتمل أن تكون هذه البركة دينية ، وهي ما تتعلق بهذه المقادير في الزكاة والكفارات ؛ فتكون بمعنى الثبات لثبات الحكم بها وبقائه ببقاء الشريعة ، ويحتمل أن تكون دنيوية من تكثير الكيل والقدر بهذه الأكيال حتى يكفي منه ما لا يكفي من غيره في غير المدينة ، أو ترجع البركة إلى كثرة ما يكلأ بها من غلاتها وثمراتها ، وفي هذا كله ظهر إجابة دعوته صلىاللهعليهوسلم وقال النووي : الظاهر أن المراد البركة في نفس المكيل في المدينة ، بحيث يكفي المد فيها لمن لا يكفيه في غيرها. قلت : هذا هو الظاهر فيما يتعلق بأحاديث الكيل ، وأما غيرها فعلى عمومه في سائر الأمور الدينية والدنيوية. وروينا في فضائل المدينة للجندي حديث : «اللهم حبّب إلينا المدينة ، كحبنا مكة وأشد ، وصححها لنا ، وبارك لنا في مدها وصاعها ، وانقل حماها ، واجعلها بالجحفة» وروى أحمد برجال الصحيح عن أبي قتادة أن النبي صلىاللهعليهوسلم «صلى بأرض سعد بأصل الحرة عند بيوت السقيا ، ثم قال : اللهم إن إبراهيم خليلك وعبدك ونبيك دعاك لأهل مكة ، وأنا محمد عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة مثلي ما دعاك به إبراهيم لمكة ، أدعوك أن تبارك لهم في صاعهم ومدهم وثمارهم ، الله حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة ، واجعل ما بها من وباء بخم» الحديث ، وقوله «بخم» بضم الخاء المعجمة وتشديد الميم ـ مكان قرب الجحفة كما سيأتي في موضعه ، وروى ابن زبالة حديث «لما قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة وعك فيها أصحابه» وفيه «فجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم على المنبر ، ثم رفع يده ، ثم قال : اللهم انقل عنا الوباء» فلما أصبح قال : أتيت هذه الليلة بالحمى ، فإذا بعجوز سوداء ملبّبة في يدي الذي جاء بها ، فقال : هذه الحمى ، فما ترى فيها؟ فقلت : اجعلوها بخمّ».
الدعاء بنقل وبائها
وفي مسلم حديث عن عائشة رضياللهعنها : «قدمنا إلى المدينة وهي وبية فاشتكى أبو بكر ، واشتكى بلال ، فلما رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم شكوى أصحابه قال : «اللهم حبّب إلينا