يسير حتى يأتي المدينة ، ولا يؤذن له فيها ، فيقول : هذه قرية ذاك الرجل ، ثم يسير حتى يأتي الشام فيهلكه الله عزوجل عند عقبة أفيق» وروى أبو يعلى حديث الجساسة المشهور في الصحيح بإسنادين أحدهما رجاله رجال الصحيح وزاد فيه «هو المسيح تطوى له الأرض في أربعين يوما ، إلا ما كان من طيبة ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : وطيبة المدينة ، ما باب من أبوابها إلا وملك مصلت سيفه يمنعه ، وبمكة مثل ذلك» وفي البخاري والترمذي حديث «المدينة يأتيها الدجال فيجد الملائكة يحرسونها فلا يقربها الدجال ولا الطاعون إن شاء الله تعالى».
وروى أحمد ورجاله ثقات وابن شبة برجال الصحيح حديث «المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة ، على كل نقب منها ملك لا يدخلها الدجال ولا الطاعون» ، وروى أحمد مرسلا وابنه متصلا وكذا الطبراني ورجاله ثقات حديث «ذكر لرسول الله صلىاللهعليهوسلم رجل خرج من بعض الأرياف ، حتى إذا كان قريبا من المدينة ببعض الطريق أصابه الوباء ؛ ففزع الناس ؛ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إني لأرجو أن لا يطلع علينا نقابها» يعني : المدينة ؛ ونقابها وأنقابها : طرقها وفجاجها ؛ واحدها نقب ، بكسر النون.
وقوله في الرواية المتقدمة «فلا يقربها الدجال ولا الطاعون» فيقتضي جواز دخول الطاعون المدينة ، ويرده الجزم في سائر الأحاديث ، والصواب حفظها منه كما هو المشاهد.
وقد استشكل قرن الدجال بالطاعون مع أن الطاعون شهادة ورحمة فكيف يتمدح بعدمه؟
والجواب من وجوه : أحدها : أن كونه كذلك ليس لذاته ، وإنما المراد ترتب ذلك عليه ، وقد ثبت تفسيره من رواية أحمد «بوخز أعدائكم من الجن» ؛ فيكون الإشارة بذلك إلى أن كفار الجن وشياطينهم ممنوعون من الطعن ، كما أن الدجال ممنوع منها ، ألا ترى أن قتل الكافر المسلم شهادة ، ولو ثبت لمحل أن الكفار لا تسلط عليه لحاز بذلك غاية الشرف ، ثانيها : أن أسباب الرحمة لم تنحصر في الطاعون ، وقد عوضهم صلىاللهعليهوسلم عنه الحمى حيث اختارها عند ما عرضا عليه كما تقدم ، وهي مطهرة للمؤمن وحظه من النار ، والطاعون يأتي في بعض الأعوام ، والحمى تتكرر في كل حين ، فيتعادلان ، وفيه نظر ؛ لأن تكثير أسباب الرحمة مطلوب ، ولأنه لا يدفع إشكال التمدح بعدمه ، ثالثها : أنه وإن اشتمل