لأنها حضرة أشرف المرسلين صلىاللهعليهوسلم وسوء الأدب على بساط الملك ليس كالإساءة في أطراف المملكة.
قال بعض السلف : إياك والمعصية فإن عصيت ولا بد فليكن في مواضع الفجور ، لا في مواضع الأجور ؛ لئلا يتضاعف عليك الوزر ، أو تعجل لك العقوبة.
فإن قيل هذا قول بتضعيف السيئات في الحرم ، والراجح خلافه ؛ لقوله تعالى : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) [الأنعام : ١٦٠].
قلنا : تحرير النزاع أن القائل بالمضاعفة أراد مضاعفة مقدارها : أي : عظمها ، لا العدد ، فإن السيئة جزاؤها سيئة ، لكن السيئات قد تتفاوت عقوبتها باختلاف الأشخاص والأماكن ، كما أن تقدير كل أحد بما يليق به في الزجر ، فجزء السيئة مثلها ، ومن المماثلة رعاية ما اقترن بها مما دل على جرأة مرتكبها ، ولا تكتب إلا واحدة ، والله أعلم.
الرابعة والخمسون : الوعيد لمن لم يكرم أهلها وأن إكرامهم وحفظهم حق على الأمة ، وأنه صلىاللهعليهوسلم شفيع ـ أو شهيد ـ لمن حفظهم فيه.
الخامسة والخمسون : حديث «من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبيّ».
السادسة والخمسون : حديث «من غاب عن المدينة ثلاثة أيام جاءها وقلبه مشرب جفوة» (١) وإنه «لا يخرج أحد منها رغبة عنها إلا أخلف الله تعالى فيها خيرا منه» كما في حديث مسلم ، قال المحب الطبري : فيه إشعار بذم الخروج منها ، وذهب بعضهم إلى أنه مخصوص بمدة حياته صلىاللهعليهوسلم فأما بعد وفاته فقد خرج نفر كثير من كبار الصحابة ، وذهب آخرون إلى أنه عام أبدا ، قال الطبري : وهو ظاهر اللفظ ، نعم هو مخصوص بالمستوطن ، لا من نوى الإقامة بها مدة ثم ينقلب إلى وطنه.
السابعة والخمسون : إكرام الله لها بنقل وبائها وتحويل حماها.
الثامنة والخمسون : الاستشفاء بترابها ، وما تقدم في ثمارها.
التاسعة والخمسون : عصمتها من الطاعون.
الستون : عصمتها من الدجال ، وخروج الرجل الذي هو خير الناس ـ أو من خير الناس ـ إليه منها ، وقوله له : أشهد أنك الدجال ، وأنه لا يسلّط عليه بآخرة الأمر ، وبهذا تتميز على مكة ، والسر فيه أن سيد المرسلين ـ وهو حجة الله على العباد ـ بالمدينة.
الحادية والستون : ما في حديث الطبراني من قوله صلىاللهعليهوسلم «وحق على كل مسلم زيارتها».
الثانية والستون : سماعه صلىاللهعليهوسلم سلام من سلّم وصلاة من صلّى عليه عند قبره الشريف ، ورده عليه.
__________________
(١) مشرب الرجل : ميله وهواه.