كثيرة بعد هذه القرينة الصريحة في إرادة الإمامة.
فإن قلت : لم تذكر الآية الكريمة النبوّة والإمامة ، بل ولا الإرسال بشهادة أن لا إله إلّا الله ، فإنّها قالت : ( أَجَعَلْنا ) ، ولم تقل : أ أرسلناهم بالشهادة.
قلت : السؤال والاستفهام في الآية للتقرير ؛ بمعنى تقرير الرسل عن أمر استقرّ عندهم نفيه ، وهو جعل آلهة من دون الرحمن يعبدون.
لكن لمّا كان المناسب لتقرير الرسل ـ بما هم رسل ـ ، هو تقريرهم عمّا أرسلوا به ، كان الظاهر إرادة تقريرهم عن ذلك ـ بما هم رسل ـ بنفيه ، وهو راجع إلى الإرسال بالشهادة بالوحدانية ، فصحّ ما أفادته الروايات من أنّ المراد بالآية السؤال عمّا بعث به الرسل من الشهادة بالوحدانية.
ولمّا كان بعثهم بهذا معلوما للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ألبتّة ، لم يحسن أن يراد أن يقرّرهم به خاصّة ، بل ينبغي أن يراد تقريرهم به بضميمة ما لا يعلم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إقرارهم به ؛ لعدم علمه بإرسالهم عليه ، وهو الذي ذكرته الروايات ؛ أعني إرسالهم على نبوّته وإمامة أمير المؤمنين عليهالسلام ، وإنّما لم تذكره الآية الشريفة ؛ للاكتفاء بذكر الأصل ؛ وهو البعث على الشهادة بالوحدانية.
كما إنّ بعض الروايات المذكورة اكتفت بذكر نبوّة نبيّنا وإمامة وليّنا ؛ لأنّهما الداعي إلى السؤال والتقرير ، مع وضوح بعثهم على الشهادة بالوحدانية ؛ لكونه الأصل ، ولذكر الآية له.
فما أعظم قدر نبيّنا الأطيب ، وأخيه الأطهر ، عند الله تبارك وتعالى! حتّى ميّزهما على جميع عباده ، وأكرمهما ببعث الرسل الأكرمين على الإقرار بفضلهما ، ورسالة محمّد ، وإمامة عليّ ، وأخذ الميثاق عليهم بهما