واستخلف ابنه عبد الله بن موسى ، وحمل الأموال على العجل والظهر ، ومعه ثلاثون ألف رأس ، فقدم على الوليد.
أنبأنا أبو القاسم العلوي ، وأبو الوحش المقرئ ، عن رشأ بن نظيف ، أنا أبو محمّد بن النحّاس ، أنا أبو عمر الكندي ، حدّثني عبد الوهّاب ، عن ابن قديد ، عن ابن عثمان ، عن النصيري قال : وسار موسى إلى طنجة ، وقدم طارق بن زياد ، ويقال : طارق بن عمرو مولى للصدف (١) على مقدمته ، فأجاز إلى أرض الأندلس فافتتحها وأصاب فيها المائدة التي يتحدث أهل الكتاب أنها مائدة سليمان بن داود ، وسار موسى في بلاد الأندلس ، ففتحها حتى أوغل فيها.
قال : فحدّثني أبو سلمة ، عن أحمد بن يحيى بن وزير ، نا القاسم بن كثير ، حدّثني [أبو شريح عبد الرّحمن](٢) بن شريح المعافري (٣) ، عن سعيد بن موسى بن وردان ، عن عمّه عيسى بن وردان قال :
غزونا مع موسى بن نصير الأندلس ، فلم يزل يفتح مدينة حتى بلغ سرقسطة فعظم على الجند مبلغه ، وخافوا أن يجاوز ذلك إلى غيره ، فمشوا إلى حنش بن عبد الله السّبائي ، وكان ينازلنا وننازله ، فشكوا إليه ذلك ، وأنهم يخافون أن يجتمع العدو عليهم فيهلكوهم ، فقام إليه حنش بن عبد الله بن صلاة الصبح والناس عنده فقال : أيها الأمير ، أتأذن لي في الكلام؟ قال : تكلم ، يرحمك الله أبا رشدين (٤) ، قال : قد كنت سمعتك بأفريقية تذكر عقبة بن نافع وتقول : لقد غرّر بنفسه إذ وغل في بلاد البربر حتى قتل ، وتقول : أما كان له ناصح؟ وأنا ناصحك اليوم أيها الأمير ، أتلتمس غنيمة أفضل مما غنمت؟ أو تريد أن تطأ من أرض المشركين أكثر مما قد وطئت؟ لقد بلغك الله أن جعلك أبعد المسلمين أثرا في الجهاد ، وفتح عليك ما لم يفتحه على أحد من المسلمين ، وقد أحبّ جندك السلامة ، واشتاقوا إلى الأهل والولد ، فانصرف راشدا أيها الأمير ، فقال موسى : قد قبلت النصيحة ، وشكرت عليها ، فأمر بالتجهز للرجوع ، فرجعنا من هناك إلى الأندلس.
__________________
(١) بالأصل : «التصدف» وفي م : «الصوف» ، والمثبت عن د.
(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل ، واستدرك عن د ، و «ز» ، وم.
(٣) ترجمته في سير أعلام النبلاء ٧ / ١٨٢.
(٤) كنية حنش بن عبد الله السبائي الصنعاني ، ترجمته في تهذيب الكمال ٥ / ٢٧٧ طبعة دار الفكر.