عن أبيه قال : قدم قيّمه ـ يعني : عمر بن عبد العزيز ـ بغلته وسمع أهله بذلك ، فأرسلوا ابنا له صغيرا ، ثم أقبل يؤم الدنانير ، فقال : أمسكوا يديه ، ثم رفع يديه ، ثم قال : اللهم بغّضها إليه كما حببتها إلى موسى بن نصير ، ثم قال : خلّوه ، فكأنما رأى بها عقارب.
قال : ونا يعقوب ، قال : قال ابن بكير : قال الليث بن سعد : وفيها ـ يعني ـ سنة تسع وتسعين قفل (١) موسى بن نصير وافدا إلى أمير المؤمنين ، دخل الفسطاط يوم الخميس لست ليال بقين من شهر ربيع الأول.
[قال ابن عساكر :](٢) كذا فيه ، والصواب : سنة سبع.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلم ـ إذنا ـ أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف ـ إجازة ـ أنا أبو محمّد بن النحّاس ، نا محمّد بن يوسف بن يعقوب الكندي ، حدّثني عبد الوهّاب ، عن ابن قديد ، عن ابن عثمان ، عن النصيري.
أن موسى بن نصير قال يومئذ : أما والله لو انقادوا لقدتهم حتى أوقفهم على رومية ، ثم ليفتحنها الله على يدي إن شاء الله ، وأقام موسى بالأندلس سنة ثلاث وتسعين وبعض سنة أربع ، وأجاز إلى أرض أفريقية في سنة أربع وتسعين ودخل إلى مصر سنة خمس وتسعين ، فيقال : إن موسى لما قدم مصر كانت أول عيره بالجيزة (٣) ، وآخرها بترنوط ، ثم سار متوجها إلى الشام حتى قدم على الوليد بن عبد الملك ، وتحيّن يوم الجمعة ، فلما جلس الوليد على المنبر أتى موسى بن نصير وقد ألبس ثلاثين رجلا تيجانا على كلّ رجل منهم تاج وثياب ملك ذلك التاج ، ثم دخلوا المسجد في هيئة الملوك ، وأمر بملوك الجزائر الروم فبهتوا ، وأبناء ملوك البربر وملوك الأشبان ، وأقبل موسى بن نصير بالثلاثين الذين ألبسهم التيجان حتى دخل بهم مسجد دمشق ، والوليد يخطب ، فلمّا رآهم بهت إليهم ، فأقبل حتى سلّم على الوليد ، ووقف الثلاثون على يمين المنبر ، وشماله بالتيجان ، فأخذ الوليد في حمد الله والثناء عليه ، والشكر بما أيّده وفتح عليه ونصره ، فأطال حتى فات وقت الجمعة فصلّى ، وانصرف ، وأجاز موسى بجائزة عظيمة ، وأقام موسى بدمشق حتى مات الوليد ، واستخلف سليمان وكان عاتبا على موسى بن نصير (٤) فحبسه عنده وطالبه بأموال عظيمة ، فلم يزل في يده حتى حجّ سليمان
__________________
(١) في م : فقال.
(٢) الزيادة منا.
(٣) الجيزة بليدة في غربي فسطاط مصر قبالتها ، ولها كورة كبيرة واسعة (معجم البلدان).
(٤) كان سليمان بن عبد الملك قد بعث إلى موسى من لقيه في الطريق قبل قدومه على الوليد يأمره بالتثبط في مسيره ، وألا يعجل ، فإن الوليد بآخر رمقه ، فلم يأبه موسى لما طلبه منه سليمان ، فأعلم سليمان بموقف موسى ، فآلى سليمان لئن ظفر بموسى ليصلبنه انظر الإمامة والسياسة ٢ / ٩٧ والحلة السيراء ٢ / ٣٣٤ والكامل لابن الأثير ٣ / ٢١٢ وفتوح البلدان ص ٢٣٢ ونفح الطيب ١ / ٢٨٠.