قد تأذى ببكائه إلى فرعون وآسية لا تشعر للذي تجد بموسى لما منّ الله وصنع لنبيه ، فلما رده إلى أمه ، وقبّل موسى ثدي أمه استبشرت آسية وذلك قول الله (فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ)(١).
قالت آسية لأم موسى : امكثي عندي ترضعين ابني هذا ، فإني لم أحبّ حبه شيئا قط ، فقالت لها أم موسى : إني لا أستطيع أن أترك بيتي وولدي وزوجي وأقيم عندك ، ولكن إن طابت نفسك أن تدفعيه إليّ فأذهب به إلى بيتي فيكون عندي لا آلوه خيرا.
وذكرت أم موسى ما كان الله صنع لها في موسى فتعاسرت عليهم ، وعلمت أن الله مبلغ موسى عاقبة ومنجز وعده ، قال : فدفعت إليها ابنها فرجعت به إلى بيتها ، فبلغ من لطف الله لها ولموسى أن الله رد عليها ابنها وعطف عليها فرعون وأهل بيته بالمنفعة مع ما أمن على موسى كيد فرعون مما يتخوف على غيره ، من القتل ، حتى كأنهم كانوا من أهل بيت فرعون من الأمان والسعة ، فلم يزل موسى في كرامة الله ، وهو في منزل والديه ، فلما ترعرع وشبّ وتكلم ، وكانت امرأة فرعون إذا أرادته بعثت إليه ، فيحمل في الفرسان والخدم حتى يدخل عليها.
أخبرنا أبوا (٢) الحسن الفقيهان ، قالا : أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا أبو عبد الله محمد بن يوسف ، نا محمد بن حماد ، أنا عبد الرزاق ، أنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليلة أسري بي مررت بموسى بن عمران» فنعته النبي صلىاللهعليهوسلم فقال رجل : حسبته قال : مضطرب : «رجل (٣) الراس كأنه من رجال شنوءة» [١٢٥٢٣].
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل ، أنا أبو سعيد محمد بن علي الخشاب ح وأخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أبو حامد أحمد بن الحسن ح وأخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح وأبو القاسم زاهر بن طاهر قالا : أنا أحمد بن منصور بن خلف ، قالوا : أنا الحسن بن أحمد ، ـ نا أبو العباس السراج نا قتيبة ـ نا الليث عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال.
وأخبرنا أبو عبد الله الخلال وأبو القاسم غانم بن خالد قالا : أنا عبد الرزاق بن عمر ،
__________________
(١) سورة القصص ، الآية : ١٣.
(٢) في م : أبو.
(٣) رجل الرأس ، عنى به أنه شعره رجل ، وهو الشعر الذي يكون بين الجعودة والسبوطة ، لا جعدا ولا سبطا (راجع النهاية لابن الأثير : رجل).