الفضل الفرات ، أنا [أبو](١) محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أحمد بن إبراهيم ، نا محمّد بن عائذ ، حدّثني مهدي بن إبراهيم من أهل البلقاء ، حدّثني زياد بن الطّفيل البكائي الكوفي ، عن عائشة أنها قالت : لما حضرت أبا بكر الوفاة خرجت إليه ، وأنا أريد أن أعرّض له بطلحة ، قالت : فلمّا دخلت عليه فإذا هو يحشرج (٢) ، فقلت : هذا والله كما قال الشاعر (٣) :
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر (٤)
قال : فقال : أفلا تقولين يا بنية كما قال الله تعالى : (وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ)(٥) قال (٦) : فقال لها : يا بنية ، إنّي كنت أقطعتك مالا بالغابة (٧) قطاعا أو قطاعين ، وإنك لو كنت جددتيه (٨) واحتويتيه كان لك ، وإنّما هو اليوم مال وارث ، وإنّما هما أخواك وأختاك ، فاقتسموا على كتاب الله ، قال : فقلت : والله لو كان كذا لفعلت ، هذه أختي أسماء فمن الأخرى؟ قال : ذو بطن أبنت خارجة؟ لا أراها إلّا جارية ، قالت : ثم دعا بصحيفة فكتب فيها إلى عمر بن الخطّاب ، قالت : فعند ذلك يئست من طلحة ، قالت : ثم قال : يا بنية ، إذا أنا متّ فانظروا فما وجدتموه زاد في مالي بعد إمارتي فادفعوه إلى الخليفة من بعدي ، وأعلموه أنّي كنت أستسحها (٩) جهدي إلّا ما أصبت من لحمها (١٠) وودكها ، قالت : فلما مات [نظرت](١١) على باقي ماله ، فما وجدناه زاد فيه بعد إمارته غير خادم سوداء كانت مرضعة
__________________
(١) سقطت من الأصل ، واستدركت عن د ، و «ز» ، وم.
(٢) يحشرج : الحشرجة الغرغرة عند الموت وتردد النفس (تاج العروس).
(٣) هو حاتم الطائي.
(٤) صدره كما في ديوان حاتم : أماويّ ما يغني الثراء عن الفتى. وصدره في تاج العروس : لعمرك ما يغني الثراء ولا الغنى.
(٥) سورة ق ، الآية : ١٩.
(٦) كتبت فوق الكلام بين السطرين بالأصل.
(٧) الغابة : موضع قرب المدينة من ناحية الشام فيه أموال لأهل المدينة ، وهي على بريد من المدينة على طريق الشام (راجع معجم البلدان).
(٨) بالأصل وم ، ود ، و «ز» ، «حددتيه» والصواب ما أثبت ، من الجداد وهو صرام النخل ، وهو قطع ثمرها. كما في اللسان.
(٩) الأصل : أسحتها ، والمثبت عن د ، وم ، واللفظة مطموسة في «ز» ، يقال : سحّت الشاة والبقرة : سمنت.
(١٠) الأصل ود ، و «ز» ، وم : لحمي ، والمثبت عن المختصر.
(١١) سقطت من الأصل وم ، و «ز» ، ود ، واستدركت عن المختصر.