عن أبيه ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس أن بني إسرائيل لما شبّ موسى نظروا إلى النعت (١) الذي كانوا يجدون في كتبهم أن الله عزوجل مخلّص بني إسرائيل على يديه.
قال : وأنا إسحاق ، أنا أبو إلياس ، عن وهب بن منبّه أنهم قالوا لموسى : إن آباءنا أخبرونا أن الله عزوجل يفرّج عنا على يدي رجل أنت شبهه ، فتكون لنا الأرض كما كانت أول مرة في زمن يعقوب ، وإنّما سخط الله علينا وملك فرعون علينا أنّا لم نطع ربنا ، ولم نصدّق رسلنا ، فجعل موسى يقول لهم : أبشروا يا بني إسرائيل ، ثم أبشروا ، فإنّي أرجو أن يكون قد تقارب ذلك ، فاتّقوا الله وأطيعوه ، ولا تسخطوه كما أسخطتموه أول مرة ، فلا يرضى عنكم أبدا ، قالوا : يا موسى ، أما تقدر أن تشفع لنا إلى فرعون بمنزلتك عنده أن يرفّه عنا شهرا من العمل ، فقد قرحت أيدينا ومناكبنا من نقل الحجارة ، وبناء المدائن ، فنستريح شهرا ، فقد كسرت ظهورنا ، وذهبت قوتنا ، فقال لهم موسى : فهل تعلمون يا بني إسرائيل أن الذي أنتم فيه من البلاء عقوبة من الله للذي سلف من ذنوبكم؟ قالوا : يا موسى ، ما منا صغير ولا كبير إلّا وهو يعرف ذلك ، مقرّ على نفسه بخطيئته ، قال لهم موسى : فما لله عليكم من الشكر إن أهلك عدوكم وفرّج عنكم وردّكم إلى ملككم؟ قالوا : يا موسى ، وهل يكون ذلك أبدا؟ قال : عسى الله أن يفعل بكم ذلك ، فينظر كيف شكركم وحمدكم عند الرخاء ، وصبركم عند البلاء.
قال وهب : وكذلك الأنبياء يجري الله الحكمة (٢) على ألسنتهم من قبل الوحي ، فقالوا : يا موسى ، إذا والله نكثر صلاتنا وصيامنا ، ونواسي المساكين في أموالنا ، ونطعم الجائع ، ونكسو (٣) العاري ، ونطيع ربنا ورسلنا ، قال موسى : يا بني إسرائيل ، زعموا أن عبدا من عبيد الله غضب غضبا في الله على قومه أنهم عبدوا الأوثان من دون الله ، فعمد إلى تلك الأوثان فكسرها غضبا لله عزوجل فأخذه قومه ، فألقوه في النار ، فأمر الله النار أن تكون عليه بردا وسلاما ، فأنجاه الله من تلك النار لما علم من صدق يقينه (٤) ، قالوا : يا موسى ، إنّ هذا الذي تذكر هو إبراهيم الخليل بن تارح هو أبو إسحاق ، وهو جد يعقوب ، وهو إسرائيل أبونا ، فلما فرغوا من حديثهم خلا به فتى من قومه فقال لموسى : لو لا أنّي أخاف لأخبرتك خبرا صادقا
__________________
(١) كذا بالأصل ، ود ، و «ز» ، وم ، وفي المختصر : المبعث.
(٢) الأصل وم ، و «ز» ، ود : الحكم ، والمثبت عن المختصر.
(٣) الأصل : وتكسى ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وم.
(٤) في المختصر : نيته.