جعفر بن عبد الله بن أسلم ، عن أسلم مولى عمر ، حدّثني ميسرة بن مسروق العبسي قال (١) :
قدمت بصدقة قومي طائعين ونحن على الإسلام لم نبال ، وما بعث علينا أحد ، حتى أدخلتها على أبي بكر الصّدّيق ، فجزاني وجزى قومي خيرا ، وعقد لنا لواء ، فقال : سيروا مع خالد بن الوليد إلى أهل الردة ، وأوصى بنا خالدا ، وكنا إذا زحفت الزحوف نأخذ اللواء فنقاتل به بأبانين (٢) واليمامة ، ومع خالد بالشام ، لقد نظر إليّ خالد بن الوليد يوم اليرموك فصاح بأبي عبيدة بن الجرّاح : ادفع رايتك إلى ميسرة بن مسروق ، ففعل ، ففتح الله عليّ.
قال : ونا ابن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، أنا عبد الله بن وابصة العبسي ، عن أبيه عن جدّه قال : جاءنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمنى ، فوقف علينا يدعونا إلى الإسلام ، فلم يستجب له منا أحد ، فقال ميسرة بن مسروق : ما أحسن كلامك وأنوره ، ولكن قومي يخالفوني ، وإنما الرجل بقومه ، فلمّا حجّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم حجة الوداع لقيه ميسرة بن مسروق فعرفه فقال : يا رسول الله ، ما رأيت حريصا على اتّباعك منذ أنخت بنا حتى كان (٣) ما كان ، ويأبى الله إلّا ما ترى من تأخّر إسلامي ، فأسلم ، فحسن إسلامه وقال : الحمد لله الذي ينقذني من النار ، وكان له عند أبي بكر الصّدّيق مكان.
قال : وأنا ابن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني عبد الرّحمن بن إبراهيم المزني ، عن يزيد بن عبيد السعدي أبي وجزة ، قال :
مرّ أبو بكر بالناس في معسكرهم بالجرف (٤) ينسب القبائل حتى مرّ ببني فزارة ، فقام إليه رجل منهم فقال : مرحبا بكم ، فقالوا : يا خليفة رسول الله نحن أحلاس (٥) الخيل ، وقد قدنا الخيول معنا ، فقال : بارك الله فيكم ، قال : فاجعلوا (٦) اللواء الأكبر معنا ، فقال أبو بكر : لا أغيره عن موضعه ، هو في بني عبس ، فقال الفزاري : أتقدم عليّ من أنا خير منه؟ فقال أبو بكر : اسكت يا لكع ، هو خير منكم ، أقدم إسلاما ، ولم يرجع رجل منهم ، وقد رجعت
__________________
(١) الإصابة ٣ / ٤٧٠.
(٢) أبانان ، تثنية أبان ، راجع معجم البلدان ١ / ٦٢ و٦٣.
(٣) بالأصل : «على» والمثبت عن د.
(٤) الجرف : تقدم التعريف بها قريبا.
(٥) أحلاس : جمع حلس بالكسر ، كساء على ظهر البعير تحت البردعة ، ويبسط في البيت تحت حر الثياب (القاموس).
(٦) كذا بالأصل ود : «قال : فاجعلوا» وفي المختصر : قالوا : فاجعل.