ويقول لناقته : (١)
فآليت لا أرثي لها من كلالة |
|
ولا من حفا حتى تلاقي (٢) محمّدا |
نبيّ يرى ما لا ترون وذكره |
|
أغار لعمري في البلاد وأنجدا (٣) |
متى ما تناخي عند باب ابن هاشم |
|
تراحي وتلقي من فواضله يدا |
فبلغ خبره قريشا فرصدوه (٤) على طريقه ، وقالوا : هذا صنّاجة العرب ، ما مدح أحدا قطّ إلّا رفع من قدره ، فلمّا ورد عليهم قالوا له : أين (٥) أردت أبا بصير؟ قال : أردت صاحبكم هذا لأسلم قال : إنه ينهاك عن خلال ويحرّمها ، وكلها بك (٦) رافق ولك موافق قال : وما هن؟ فقال أبو سفيان : الزنا ، فقال : لقد تركني الزنا وما تركته ، وما ذا؟ قال : القمار ، قال : لعلّي إن لقيته أصبت منه عوضا من القمار ، وما ذا؟ قالوا : الزنا ، قال : ما دنت ولا ادّنت قط ، قال : وما ذا؟ قال : الخمر ، قال : أوّه! ارجع إلى صبابة قد بقيت لي من المهراس (٧) فأشربها ، فقال أبو سفيان : أبا بصير هل لك في خير ممّا هممت به؟ قال : وما هو؟ قال : نحن وهو الآن في هدنة ، فتأخذ مائة من الإبل وترجع إلى بلدك سنتك هذه وتنظر ما يصير إليه أمرنا ، فإن ظهرنا عليه كنت قد أخذت خلفا ، وإن ظهر علينا أتيته ، قال : ما أكره ذاك ، فقال أبو سفيان : يا معشر قريش هذا الأعشى ، والله لئن أتى محمّدا واتّبعه ليضرمنّ عليكم نيران العرب بشعره ، فاجمعوا له مائة من الإبل ، ففعلوا ، وأخذها وانطلق إلى بلده ، فلما كان بقاع منفوحة (٨) رمى به بعيره فقتله ، فدفن هناك فإذا أراد الفتيان أن يشربوا خرجوا إلى قبره وشربوا عنده ، وصبوا عليه فضلات الأقداح.
أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرّحمن بن أبي عقيل (٩) ، أخبرنا أبو الحسن علي بن
__________________
(١) تحرفت بالأصل ود ، و «ز» ، وم إلى : النابغة ، والمثبت عن الأغاني.
(٢) الديوان والأغاني : تزور.
(٣) الأصل ود ، وم : والجدا ، والمثبت عن الأغاني والديوان و «ز».
(٤) الأصل ود ، وم : فرصدوا ، والمثبت عن «ز».
(٥) بالأصل : أنت ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وم ، والأغاني.
(٦) الأصل : بد ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وم ، والأغاني.
(٧) المهراس : حجر منقور يسع كثيرا من الماء.
(٨) بدون إعجام بالأصل وم ود ، أعجمت عن «ز» ، والأغاني. ومنفوحة قرية مشهورة من نواحي اليمامة ، (راجع معجم البلدان).
(٩) في «ز» : «عليل» وفي د ، وم كالأصل.