(فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ) قال : ليست سلعع (١) النساء (٢) بثوبها على وجهها ، ومدّ سفيان ثوبه على ساعده ، ثم ستر وجهه (٣).
أنبأنا أبو الوحش سبيع بن المسلم ، وأبو تراب حيدرة بن أحمد ، قالا : أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسن محمّد بن أحمد ، أنا أحمد بن سندي ، أنا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر قال : فأخبرنا أبو إلياس ، عن وهب بن منبّه ، وأبو عبد الرّحمن الجزري عن وهب بن منبّه قال :
لما أبصر موسى ما بالجارية من العري ، وما يبدو من ساقيها قال لها موسى : امشي خلفي ـ رحمك الله ـ وانعتي لي الطريق بكلامك ، فإنّا قوم لا ننظر إلى أدبار النساء ، ففعلت ما أمرها موسى ، فكلما عدل موسى يمينا أو شمالا تقول له : على يمينك ، دع شمالك ، حتى دخل على شعيب (٤) ، فلمّا دخل عليه دعا شعيب بطعام ، فوضعه بين يديه ، ثم قام من عنده شعيب ، وأقسم عليه إلّا ما أكلت حتى أرجع إليك ، وإنّما صنع ذلك شعيب حين خرج من عند موسى كراهية أن يستحي من شعيب ، فلا يشبع من الطعام قال : فلمّا فرغ موسى من الطعام دعا له بلبن ، فسقاه له ، ثم سأله بعد ذلك عن أمره كله ، وما أخرجه من بلاده ، قال : فقصّ عليه موسى القصص ، وأخبره بالذي أخرجه من بلاده ، وأخبره بنسبه ، وممن هو ، فعلم شعيب أن موسى من أهل بيت النبوة ، فقال : (لا تَخَفْ ، نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ليس لفرعون ولا لقوم علينا سبيل ، ولسنا في مملكته ، فاطمأن موسى ، وفرغ شعيب من المسألة فقالت إحدى ابنتي (٥) شعيب : (يا أَبَتِ ، اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)(٦).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد ، نا داود بن عمرو ، نا عفيف بن سالم الموصلي ، نا قرّة ، عن الحسن قوله (لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) قال : يقول الناس : إنه شعيب ، وليس بشعيب (٧) ولكن سيد الماء يومئذ.
__________________
(١) كذا رسمها بالأصل ، ود ، و «ز» ، وم وفي د بينها وبين النساء بياض.
(٢) بعدها في د ، و «ز» وم : بياض ، بمقدار كلمة.
(٣) كتب بعدها في د ، و «ز» : إلى.
(٤) هذا هو المشهور عند كثيرين في اسمه. وقيل إن اسمه شعيب وهو صاحب الماء ولكنه ليس بالنبي صاحب مدين ، وقيل إنه ابن أخي شعيب ، وقيل : إنه ابن عمه ، وقيل رجل مؤمن من قوم شعيب (راجع البداية والنهاية ١ / ٢٨١).
(٥) قيل إحداهما : ليا ، والأخرى اسمها : صفوريا.
(٦) سورة القصص ، الآية : ٢٦.
(٧) يعني شعيب النبي صاحب مدين.