سيرد منه ، فتلقاهم الفتح ، فأخبروه ، فقال لهم : إنه كان البارحة في ذكره ، وسيتهمكم. وجاءهم رجاء الزيداني بإزار منام المعتز ، وفيه أثر احتلامه في تلك الليلة ، فلما رآه عبيد الله قال : توقف قليلا ، قال : أخاف أن تبشره أنت بهذه النعمة ، فقال : لا والله ، لا فعلت ، ودخل عبيد الله والجماعة ، وتوقف رجاء فلما استقروا دخل رجاء الزيداني بالإزار وعرفه الخبر ، فخرّ ساجدا لله ، وابتدأ عبيد الله فهنأه ، ودعا له ، ووصل كلامه بأن قال : وقد طهر الله الأرض البارحة من عدو أمير المؤمنين ، قال : ومن هو؟ قال : نجاح ، قال : فعلتموها يا عبيد الله؟ قال : يا سيدي ، هذا يوم فعلتموها أو يوم سرور وشكر ، وصدقة؟
ونهض وقد تشاغل المتوكل باحتلام المعتز ، ودخل إلى قبيحة (١) فوجه الكتاب إلى قبيحة : الله الله ، أشغلته عنا يومين ثلاثة؟
وانصرفوا فجمعوا صدرا من المال الذي بقي عليهم ، فحملوه ، وكتبوا إليه بخبره ، فتناساه ولم يعد عليهم بسببه مكروه.
وذكر بدر مولى عبيد الله بن يحيى ، [وكان خاصا به : أن سبب قتل نجاح كان لأبي عبيد الله](٢) والكتاب عرّفوا المتوكل أنه قد ألطّ (٣) بالمال لنفسه بانقباض اليد عنه ، وسألوه الإذن لهم في ضربه عشرة مقارع لا يزيدون عليه فيها ، ليعلم أن اليد منبسطة عليه فأذن في ذلك ، وحظر تجاوزه ، وإنه لما بطّح أخرجت إحدى أنثييه من بين فخذيه ، وتعمدت بالضرب عليها ، فمات في سبعة مقارع. وكان فيمن أخذ من أسبابه عبيد الله بن مخلد ، فضرب بالمقارع وحبس ، وأخذ جميع ما ملكه ، وكان ابنه الحسين مستترا فظفر به فضرب وحبس ، وأخذ جميع ما ملكه ، وأخذ من وكيله ، ابن عياش عشرون ألف دينار.
وذكر ابن أبي طاهر أن المتوكل لما سلم نجاحا إلى الكتاب أمر بالقبض على كاتبه إسحاق بن سعيد بن منصور القطربلي وضربه خمسين مقرعة ، وأغرمه خمسين ألف دينار ، وحلف أن لا ينقص منها شيئا وذكر أنه أخذ منه في أيام الواثق كرها ، وهو يحلف عمر بن فرج [حتى] أطلق له جارية خمسين دينارا فضرب وأخذ منه المال ، وقال أحمد بن أبي طاهر في نجاح قصيدة طويلة يهجوه فيها ، ومنها :
__________________
(١) بدون إعجام بالأصل ، والمثبت عن «ز» ، وم ، وهي زوجته أم ولديه المعتز وإسماعيل ، وكان المتوكل مشغوفا بها لا يصبر عنها. راجع سير الأعلام ١٢ / ٣٣.
(٢) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، واستدرك عن «ز».
(٣) لط بالأمر لزمه ، كألط ، وألط الغريم : منع من الحق (القاموس المحيط : لطط).