قد أمهلك [منذ](١) أربعمائة سنة في كلّها أنت تبارزه بالمحاربة ، وتتسمّى به وتتمثل به ، وتصدّ عباده عن سبيله ، وهو يمطر عليك السماء ، وينبت لك الأرض ، ويلبسك العافية ، لم تسقم ، ولم تهرم ، ولم تفتقر ، ولم تغلب ، ولو شاء أن يعجّل لك ويبتليك ويسلبك ذلك فعل ، يعني بالقهر والهرم ، ولكنه ذو أناة وحلم عظيم ، قال موسى : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي)(٢).
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن عبد الله بن سيف ، نا عمر بن شبة ، نا أبو داود ، نا أيوب بن جابر ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله قال : أتيت الشجرة التي نودي منها موسى ، فذكرت لي ، فإذا هي شجرة سمر خضراء ، فسلّمت على موسى ، وصلّيت على محمّد صلىاللهعليهوسلم.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا أبو محمّد المصري ، أنا أبو بكر المالكي ، نا محمّد بن أحمد ، نا عبد المنعم ، عن أبيه عن وهب بن منبّه.
أن موسى لما أتى النار لم ير عندها أحدا ، فاستوحش ، فنودي من الشجرة : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) ، فوقع عليه الرعدة ، وأسرع بالإجابة : لبيك ، لبيك ، وتابع التلبية استئناسا منه بالصوت وسكونا إليه ، فنودي : (يا مُوسى ، إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)(٣) ، فخرّ موسى صعقا ، فلما أفاق قال : إلهي ، إنّي سمعت صوتك ولا أرى مكانك ، فأين أنت؟ فقال : يا موسى ، أنا فوقك ، وأمامك ، وخلفك ، ومحيط بك ، وأقرب إليك من نفسك ، يريد : إنّي أعلم بنفسك منك ، إذا نظرت إليّ بين يديك خفي عنك ما وراءك ، وإذا سموت بطرفك إلى ما فوقك ذهب عنك علم ما؟؟؟ ... (٤) وأنا لا تخفى عليّ خافية من جميع أحوالك.
أخبرنا أبو الفضل محمّد بن عمر بن يوسف الفقيه ، نا أبو الحسين محمّد بن علي بن المهتدي ، نا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين ، نا عبد الله بن محمّد البغوي ، نا داود بن عمرو الضبّي ، نا خلف بن خليفة ، عن حميد الأعرج ، عن عبد الله بن الحارث ، عن ابن مسعود أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «يوم كلّم الله موسى كانت عليه جبّة وكساء صوف ، وكمّة صوف ، وسراويل صوف ، ونعلين من جلد حمار غير ذكي» (٥) [١٢٥٣٤].
__________________
(١) زيادة عن م ، و «ز» ، ود.
(٢) سورة طه ، الآيتان ٢٥ و٢٦.
(٣) سورة القصص ، الآية : ٣٠.
(٤) كذا رسمها بالأصل ، ود ، و «ز» ، وم ، وبعدها بياض.
(٥) في م : «ذكرى» تحريف ، وقوله : غير ذكي يعني أنّه غير مذبوح ، من الذكاة يعني الذبح (راجع اللسان).