فسمعت رجلا يقول : أيّ (١) أخ كان أنفع لأخيه؟ قالوا : لا ندري ، قال : أنا والله أدري ، قالت عائشة : فلمته في نفسي حين حلف لا يستثني أنه يعلم أيّ (٢) أخ كان أنفع لأخيه حتى قال : موسى حين سأل لأخيه النبوة ، فقلت : صدقت.
أنبأنا أبو الوحش سبيع بن المسلم ، وأبو تراب حيدرة بن أحمد ، قالا : نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسن بن رزقويه ، أنا أحمد بن سندي ، نا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر ، عن جويبر ، عن الضحّاك ، عن ابن عبّاس في قوله : (إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى)(٣) قال : هذه مقالة موسى ، وكان هارون بمصر ، فقال موسى : ربّ إنّ أخي هارون رجل ضعيف ، وأنا أقوى منه ، فقد تخوّفت وهو أضعف مني فيتخوف أيضا أو أن يطغى فيقتلنا ، (قالَ : لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما)(٤) شاهد لكما عند فرعون ، أسمع قولكما وقوله ، وأرى وأنظر إليكما ، (فَأْتِياهُ فَقُولا : إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ)(٥) في البنيان ونقل الحجارة وقتل الأنبياء (٦) واستخدام النساء وأشبه ذلك (قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ) ـ يعني : بعبرة ، وإن لم تصدقنا قلنا (وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى) ـ يعني : والسلام من ربنا على من اتّبع دينه ومنهاجه (إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ)(٧) [بأنا لسنا رسله](٨)(وَتَوَلَّى) عما جئناه وقولا له فيما بين ذلك : يا فرعون ، (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى)(٩) ـ يعني ـ أن تصلح (وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى)(١٠) يعني وأره يا موسى آياتي الكبرى ، وأخبره أنّي أنا الغفور الرّحيم ، وإنّي إلى العفو والمغفرة أسرع مني إلى العقوبة والغضب ، ولا يروعنك يا موسى ما ترى من عظمة فرعون ، وشدة سلطانه ، فإن ذلك بعيني ، ولو شئت أن أسلّط عليه أوهن خلقي وأضعفه لقتله ، ولكن قد أمهلته منذ أربعمائة سنة لتكون لي الحجة عليه.
قال : وأنا إسحاق عن جويبر عن الضّحّاك عن ابن عباس في قول الله لموسى : (اذْهَبْ
__________________
(١) الأصل : أني ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وم.
(٢) راجع الحاشية السابقة.
(٣) سورة طه ، الآية : ٤٥.
(٤) سورة طه ، الآية : ٤٦.
(٥) سورة طه ، الآية : ٤٧.
(٦) تقرأ بالأصل : «الابناء» والمثبت عن د ، وم ، و «ز».
(٧) سورة طه ، الآية : ٤٨.
(٨) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن د ، و «ز» ، وم.
(٩) سورة النازعات ، الآية : ١٨.
(١٠) سورة النازعات ، الآية : ١٩.