والعلم فإنَّ كان لكم مثله فأظهروه وإن لم يكن إلّا التشنيع والتقوُّل وتقريع الجميع بقول قوم غلاة فالأمر سهل ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ثم قال صاحب الكتاب : ثمّ رجعنا إلى إيضاح حجّة الزّيديّة بقول الله تبارك وتعالى : « ثمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا ـ الآية ».
فيقال له : نحن نسلّم لك أنَّ هذه الآية نزلت في العترة ، فما برهانك على أنَّ السابق بالخيرات هم ولد الحسن والحسين دون غيرهم من سائر العترة؟ فانّك لست تريد إلّا التشنيع على خصومك وتدَّعي لنفسك.
ثمَّ قال : قال الله عزَّ وجلَّ وذكر الخاصّة والعامّة من أمّة نبيّه : « واعتصموا بحبل الله جميعاً ـ الآية » ثمّ قال : انقضت مخاطبة العامّة ، ثمّ استأنف مخاطبة الخاصّة فقال : « ولتكن منكم أمّة يدعون ألى الخير ـ إلى قوله للخاصة ـ كنتم خير أمّة أخرجت للنّاس » فقال : هم ذرية إبراهيم عليهالسلام دون سائر النّاس ، ثمّ المسلمون دون من أشرك من ذرية إبراهيم عليهالسلام قبل إسلامه وجعلهم شهداء على النّاس فقال : « يا أيّها الّذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ـ إلى قوله ـ وتكونوا شهداء على النّاس » (١) وهذا سبيل الخاصّة من ذرية إبراهيم عليهالسلام ، ثمّ اعتل بآيات كثيرة تشبه هذه الايات من القرآن.
فيقال له : أيّها المحتجُّ أنت تعلم أنَّ المعتزلة وسائر فرق الاُمّة تنازعك في تأويل هذه الايات أشدَّ منازعة ، وأنت فليس تأتي بأكثر من الدَّعوى ، ونحن نسلّم لك ما ادَّعيت ونسألك الحجّة فيما تفردت به من أنَّ هؤلاء هم ولد الحسن والحسين عليهماالسلام دون غيرهم فإلى متى تأتي بالدَّعوي وتعرض عن الحجة؟ وتهوِّل علينا بقراءة القرآن وتوهم أنَّ لك في قراءته حجّة ليست لخصومك؟ والله المستعان.
ثم قال صاحب الكتاب : فليس من دعا إلى الخير من العترة ـ كمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وجاهد في الله حق جهاده ـ سواء وسائر العترة ممّن لم يدع إلى الخير ولم يجاهد في الله حق جهاده ، كما لم يجعل الله من هذا سبيله من أهل الكتاب سواء وسائر أهل الكتاب ، وإن كان تارك ذلك فاضلاً عابداً لأنّ العبادة نافلة و
__________________
(١) الحج : ٧٦.