الجهاد فريضة لازمة كسائر الفرائض صاحبها يمشي بالسّيف إلى السّيف ، ويؤثر على الدَّعة الخوف ، ثمّ قرأ سورة الواقعة وذكر الايات الّتى ذكر الله عزَّ وجلَّ فيها الجهاد وأتبع الايات بالدَّعاوي ولم يحتج لشيء من ذلك بحجة فنطالبه بصحتها [ أ ] ونقابله بما نسأله فيه الفصل.
فأقول ـ وبالله أستعين ـ : إن كان كثرة الجهاد هو الدّليل على الفضل والعلم والامامة فالحسين عليهالسلام أحقُّ بالامامة من الحسن عليهالسلام لأنّ الحسن وادع معاوية والحسين عليهالسلام جاهد حتّى قتل ، وكيف يقول صاحب الكتاب؟ وبأيِّ شيء يدفع هذا؟ وبعد فلسنا ننكر فرض الجهاد ولا فضله ولكنّا رأينا الرَّسول صلىاللهعليهوآله لم يحارب أحداً حتّى وجد أعواناً وأنصاراً وإخواناً فحينئذ حارب ، ورأينا أمير المؤمنين عليهالسلام فعل مثل ذلك بعينه ، ورأينا الحسن عليهالسلام قد هم بالجهاد فلمّا خذله أصحابه وادع ولزم منزله ، فعلمنا أنَّ الجهاد فرض في حال وجود الأعوان والأنصار ، والعالم ـ بإجماع العقول ـ أفضل من المجاهد الّذي ليس بعالم ، وليس كلّ من دعا إلى الجهاد يعلم كيف حكم الجهاد ، ومتى يجب القتال ، ومتى تحسن الموادعة ، وبماذا يستقبل أمر هذه الرّعيّة ، وكيف يصنع في الدماء والاموال والفروج ، وبعد فانّا نرضى من إخواننا بشيء واحد وهو أن يدلونا على رجل من العترة ينفي التشبيه والجبر عن الله ولا يستعمل الاجتهاد والقياس في الاحكام السّمعيّة ويكون مستقلاً كافياً حتّى نخرج معه فإنَّ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة على قدر الطاقة وحسب الامكان ، والعقول تشهد أنَّ تكليف ما لا يطاق فاسدٌ والتغرير بالنفس قبيحٌ ، ومن التغرير أن تخرج جماعة قليلة لم تشاهد حرباً ولا تدرَّبت بدربة أهل (١) إلى قوم متدرَّ بين بالحروب تمكّنوا في البلاد وقتلوا العباد وتدرَّبوا بالحروب ، ولهم العدد والسّلاح والكراع (٢) ومن نصرهم من العامّة ـ ويعتقدوا أنَّ الخارج عليهم مباح الدَّم ـ مثل جيشهم أضعافاً
__________________
(١) درب به ـ كفرح ـ دربا ودربة ـ بالضم ـ : ضرى ، كتدرب. والدربة : ـ بالضم ـ عادة وجرأة على الامر والحرب.
(٢) الكراع ـ بالضم ـ : اسم لجمع الخيل.