قياس ولا اجتهاد ، فإنَّ قالوا : عنده ما يخالف هذا كلّه خرجوا من التعارف ، وإن تعلّقوا بمذاهب من المذاهب قيل لهم : فأين ذلك العلم؟ هل نقله عن إمامكم أحدٌ يوثق بدينه وأمانته؟ فإنَّ قالوا : نعم ، قيل لهم : قد عاشرناكم الدَّهر الاطول فما سمعنا بحرف واحد من هذا العلم ، وأنتم قوم لا ترون التقيّة ولا يراها إمامكم ، فأين علمه؟ وكيف لم يظهر ولم ينتشر؟ ولكن أخبرونا ما يؤمنّا أن تكذِّبوا فقد كذبتم على إمامكم كما تدَّعون أنَّ الاماميّة كذَّبت على جعفر بن محمّد عليهماالسلام وهذا ما لا فصل فيه.
مسئلة اخرى ويقال لهم : أليس جعفر بن محمّد عندكم كان لا يذهب إلى ما تدّعيه الاماميّة ، وكان على مذهبكم ودينكم؟ فلابدّ من (أن يقولوا) : نعم ، اللّهمّ إلّا أن تبرَّؤوا منه ، فيقال لهم : وقد كذَّبت الاماميّة فيما نقلته عنه ، وهذه الكتب المؤلّفة الّتي في أيديهم إنّما هي من تأليف الكذّابين؟ فإذا قالوا : نعم ، قيل لهم : فإذا جاز ذلك فلم لا يجوز أن يكون إمامكم يذهب مذهب الاماميّة ويدين بدينها وإن يكون ما يحكي سلفكم ومشايخكم عنه مولّداً موضوعاً لا أصل له ، فإنَّ قالوا : ليس لنا في هذا الوقت إمام نعرفه بعينه نروي عنه علم الحلال والحرام ولكنّا نعلم أنَّ في العترة من هو موضع هذا الامر وأهل ، قلنا لهم : دخلتم فيما عبتموه على الاماميّة بما معها من الأخبار من أئمّتها بالنصِّ على صاحبهم والاشارة إليه والبشارة به ، وبطل جميع ما قصصتم به من ذكر الجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر فصار إمامكم بحيث لا يرى ولا يعرف ، فقولوا : كيف شئتم ونعوذ بالله من الخذلان.
ثمَّ قال صاحب الكتاب ، وكما أمر الله العترة بالدُّعاء إلى الخير (١) وصف سبق السابقين منهم ، وجعلهم شهداء ، وأمرهم بالقسط فقال : « يا أيّها الّذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ». ثمّ أتبع ذلك بضرب من التأويل وقراءة آيات من القرآن ادّعى أنّها في العترة ، ولم يحتج لشيء منها بحجّة أكثر من أن يكون الدَّعوى ، ثمّ قال : وقد أوجب الله تعالى على نبيّه صلىاللهعليهوآله ترك الامر والنهي إلى أنَّ هيّأ له أنصاراً فقال : « وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا ـ إلى قوله ـ لعلهم يتقون : فمن لم يكن من
__________________
(١) في قوله عزَّ وجلَّ : « ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ».