٨ ـ حدّثنا أبي ، ومحمّد بن الحسن ـ رضى الله عنهما ـ قالا : حدّثنا سعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميريُّ جميعاً ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن ابن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن أبي حمزة الثماليِّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : خرج إبراهيم عليهالسلام ذات يوم يسير في البلاد ليعتبر ، فمرَّ بفلاة من الأرض فإذا هو برجل قائم يصلّى قد قطع إلى السّماء صوته (١) ولباسه شعر ، فوقف عليه إبراهيم عليهالسلام فعجب منه وجلس ينتظر فراغه فلمّا طال ذلك عليه حركه بيده وقال له : إنَّ لي حاجة فخفّف قال : فخفّف الرَّجل وجلس إبراهيم ، فقال له إبراهيم عليهالسلام لمن تصلّي؟ فقال : لاله إبراهيم فقال : من إله إبراهيم؟ قال : الّذي خلقك وخلقني ، فقال له إبراهيم : لقد أعجبني نحوك (٢) وأنا احب أن أو أخيك في الله عزَّ وجلَّ ، فأين منزلك إذا أردت زيارتك ولقاءك؟ فقال له الرَّجل : منزلي خلف هذه النطقة (٣) ـ وأشار بيده إلى البحر ـ وأما مصلّاي فهذا الموضع تصيبني فيه إذا أردتني إن شاء الله ، ثمّ قال الرَّجل لابراهيم : لك حاجة؟ فقال إبراهيم : نعم ، فقال الرَّجل : وما هي؟ قال له : تدعو الله وأؤمن أنا على دعاءك أو أدعو أنا وتؤمنّ أنت على دعائي؟ فقال له الرَّجل : وفيم ندعوالله؟ فقال له إبراهيم : للمذنبين المؤمنين ، فقال الرَّجل : لا ، فقال إبراهيم : ولم؟ فقال : لأنّى دعوت الله منذ ثلاث سنين بدعوة لم أر إجابتها إلى الساعة وأنا أستحيي من الله عزَّ وجلَّ أن أدعوه بدعوة حتّى أعلم أنَّه قد أجابني ، فقال إبراهيم : وفيما دعوته؟ فقال له الرَّجل : إنّى لفي مصلّاي هذا ذات يوم إذ مرَّبي غلام أروع (٤) النور يطلع من جبهته ، له ذؤابة من خلفه ، ومعه بقر يسوقها كأنّما دهنت دهنا ، وغنم يسوقها كأنّما دخست دخساً (٥) قال : فأعجبني ما رأيت منه فقلت : يا غلام لمن هذه البقر ، والغنم؟ فقال : لي (٦) فقلت :
__________________
(١) كذا وفي الكافي « طوله ». والقطع كما في الوافي : العمود ، ولعله تصحيف « رفع ».
(٢) أي طريقتك في العبادة ، والنحو : الطريق.
(٣) النطفة : الماء الصافي قل أو كثر.
(٤) الاروع ـ كجعفر ـ من الرجال : الّذي يعجبك حسنه.
(٥) الدخس ـ بالمعجمعة بين المهملتين ـ : الورم والسمن.
(٦) في الكافي ج ٨ ص ٣٩٢ تحت رقم ٥٩١ « فقال لابراهيم ».