لتأخّره عنهم فضل عشرة أيّام على ما واعدهم استطالوا المدّة القصيرة وقست قلوبهم وفسقوا عن أمر ربّهم عزَّ وجلَّ وعن أمر موسى عليهالسلام وعصوا خليفته هارون واستضعفوه وكادوا يقتلونه ، وعبدوا عجلا جسداً له خوارٌ من دون الله عزَّ وجلَّ ، وقال السامريُّ لهم : « هذا إلهكم وإله موسى » وهارون يعظهم وينهاهم عن عبادة العجل ويقول : « يا قوم إنّما فتنتم به وإنّ ربّكم الرّحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري * قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتّى يرجع إلينا موسى » (١) ولمّا رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربّكم وألقى الالواح وأخذ برأس أخيه يجرُّه إليه » (٢) والقصّة في ذلك مشهورة فليس بعجيب أن يستطيل الجهّال من هذه الاُمّة مدّة غيبة صاحب زماننا عليهالسلام ويرجع كثير منهم عمّا كانوا دخلوا فيه بغير أصل وبصيرة ، ثمّ لا يعتبرون بقول الله تعالى ذكره حيث يقول : « ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحقّ ولا يكونوا كالّذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون » (٣).
فقال (٤) : وما أنزل الله عزَّ وجلَّ في كتابه في هذا المعنى؟ قلت : قوله عزَّ وجلَّ « الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب » يعنى بالقائم عليهالسلام وغيبته.
حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمهالله قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن غير واحد ، عن داود ابن كثير الرقّي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزَّ وجلَّ « هدى للمتّقين الّذين يؤمنون بالغيب » قال : من أقرّ بقيام القائم عليهالسلام أنَّه حق.
حدّثنا عليُّ بن أحمد بن موسى رحمهالله ـ قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي قال : حدّثنا موسى بن عمران النخعيُّ ، عن عمه الحسين بن يزيد ، عن عليّ بن أبي حمزة
__________________
(١) طه : ٩٣ و ٩٤.
(٢) الاعراف : ١٤٩.
(٣) الحديد : ١٥.
(٤) يعنى الرجل الّذي كلمه بمدينة السلام.