أهله قال : كان يوضع لعبد المطّلب جدُّ رسول الله صلىاللهعليهوآله فراشٌ في ظلِّ الكعبة فكان لا يجلس عليه أحدٌ من بنيه إجلالاً له ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يأتي حتّى يجلس عليه فيذهب أعمامه ليؤخّروه ، فيقول جده عبد المطّلب : دعوا ابني ، فيمسح على ظهره ويقول : إنَّ لابني هذا لشأناً.
فتوفّي عبد المطّلب والنبيُّ صلىاللهعليهوآله ابن ثمان سنين بعد عام الفيل بثمان سنين.
٣٠ ـ حدّثنا عليُّ بن أحمد رضياللهعنه قال : حدّثنا أحمد بن يحيى قال : حدّثنا محمّد ابن إسماعيل قال : حدّثنا عبد الله بن محمّد قال : حدّثنا أبي ، عن خالد بن الياس ، عن أبي بكر ابن عبد الله بن أبي جهم قال : حدّثني أبي ، عن جدِّي قال : سمعت أبا طالب يحدِّث عن عبد المطلّب قال : بينا أنا نائم في الحجر (١) إذ رأيت رؤيا هالتني فأتيت كاهنة قريش وعليَّ مطرف خزٍّ ، وجمّتي (٢) تضرب منكبي فلمّا نظرت إليَّ عرفت في وجهي التغيّر فاستوت وأنا يومئذ سيّد قومي ، فقالت : ما شأن سيّد العرب متغيّر اللّون هل رابه من حدثان الدَّهر ريب (٣) فقلت لها : بلي إنّي رأيت اللّيلة وأنا قائم في الحجر كأنَّ شجرة قد نبتت على ظهري قد نال رأسها السّماء وضربت أغصانها الشرق والغرب ورأيت نوراً يظهر منها أعظم من نور الشمس سبعين ضعفاً ورأيت العرب والعجم ساجدة لها وهي كلُّ يوم تزداد عظماً ونوراً ، ورأيت رهطاً من قريش يريدون قطعها فإذا دنوا منها أخذهم شابٌّ من أحسن النّاس وجهاً وأنظفهم ثياباً فيأخذهم ويكسر ظهورهم ، ويقلع أعينهم ، فرفعت يدي لا تناول غصناً من أغصانها ، فصاح بي الشابُّ وقال : مهلاً ليس لك منها نصيبٌ ، فقلت : لمن النصيب والشجرة منّي؟ فقال النصيب لهؤلاء الّذين قد تعلّقوا بها وستعود (٤)
__________________
(١) يعني حجر اسماعيل عليهالسلام.
(٢) المطرف ـ بضم الميم وكسرها وفتحها الثوب الّذي في طرفيه علمان. والجمة ـ بالضم والشد ـ : مجتمع شعر الرأس وما سقط على المنكبين منها وهي أكثر من الوفرة ، ويقال للرجل الطويل الجمة : الجماني بالنون على غير قياس (الصحاح)
(٣) رابه أمر يريبه : رأى منه ما يكرهه ويزعجه ، والريب نازلة الدهر.
(٤) في بعض النسخ « سيعود ».