وفاة موسى عليهالسلام كان له أوصياء حججاً لله كذلك مستعلنين ومستخفين إلى وقت ظهور عيسى عليهالسلام.
فظهر عيسى عليهالسلام في ولادته ، معلناً لدلائله ، مظهراً لشخصه ، شاهراً لبراهينه ، غير مخف لنفسه لان زمانه كان زمان إمكان ظهور الحجّة كذلك.
ثمَّ كان له من بعده أوصياء حججاً لله عزَّ وجلَّ كذلك مستعلنين ومستخفين إلى وقت ظهور نبينا صلىاللهعليهوآله فقال الله عزَّ وجلَّ له في الكتاب : « ما يقال لك إلّا ما قد قيل للرسل من قبلك » (١) ثمّ قال عزَّ وجلَّ : « سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا » (٢) فكان ممّا قيل له ولزم من سنّته على إيجاب سنن من تقدمه من الرُّسل إقامة الاوصياء له كاقامة من تقدّمه لاوصيائهم ، فأقام رسول الله صلىاللهعليهوآله أوصياء كذلك وأخبر بكون المهديِّ خاتم الأئمّة عليهمالسلام ، وأنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، نقلت الاُمّة ذلك بأجمعها عنه ، وأنَّ عيسى عليهالسلام ينزل في وقت ظهوره فيصلي خلفه ، فحفظت ولادات الأوصياء ومقاماتهم في مقام بعد مقام إلى وقت ولادة صاحب زماننا عليهالسلام المنتظر للقسط والعدل ، كما أوجبت الحكمة باستقامة التدبير غيبة من ذكرنا من الحجج المتقدمة بالوجود.
وذلك أنَّ المعروف المتسالم بين الخاصِّ والعامِّ من أهل هذه الملّة أنَّ الحسن ابن علىٍّ والد صاحب زماننا عليهماالسلام قد كان وكلّ به طاغية زمانه إلى وقت وفاته ، فلمّا توفّي عليهالسلام وكل بحاشيته وأهله وحبست جواريه وطلب مولوده هذا أشدَّ الطلب وكان أحد المتوليّين عليه عمّه جعفر أخو (٣) الحسن بن عليٍّ بما ادّعاده لنفسه من الامامة ورجا أن يتمّ له ذلك بوجود ابن أخيه صاحب الزَّمان عليهالسلام فجرت السنة في غيبته بما جرى من سنن غيبة من ذكرنا من الحجج المتقدِّمة ، ولزم من حكمة غيبة عليهالسلام ما لزم من حكمة غيبتهم.
__________________
(١) فصلت : ٤٣.
(٢) الاسراء : ٧٧.
(٣) كذا.