اشتقت إلى مشاهدته لدينه وسديد رأيه واستقامة طريقته ، وهو الشيخ نجم الدِّين أبو سعيد محمّد بن الحسن بن محمّد بن أحمد بن عليِّ بن الصلت القّميِّ ـ أدام الله توفيقه ـ وكان أبي يروي عن جده محمّد بن أحمد بن عليِّ بن الصّلت ـ قدِّس الله روحه ـ ويصف علمه وعمله وزهده وفضله وعبادته ، وكان أحمد بن محمّد بن عيسى في فضله وجلالته يروي عن أبي طالب عبد الله ابن الصّلت القمّيِّ رضياللهعنه وبقي (١) حتّى لقيه محمّد بن الحسن الصفّار وروى عنه ، فلمّا أظفرني الله تعالى ذكره بهذا الشيخ الّذي هو من أهل هذا البيت الرفيع شكرت الله تعالى ذكره على ما يسرّ لي من لقائه وأكرمني به من إخائه وحباني به من ودّه وصفائه ، فبينا هو يحدثني ذات يوم إذ ذكر لي عن رجل قد لقيه ببخارا من كبار الفلاسفة والمنطقيين كلاماً في القائم عليهالسلام قد حيره وشككه في أمره لطول غيبته وانقطاع أخباره ، فذكرت له فصولا في إثبات كونه عليهالسلام ورويت له أخبارا في غيبته عن النبيِّ والائمّة عليهمالسلام سكنت إليها نفسه ، وزال بها عن قلبه ما كان دخل عليه من الشكِّ والارتياب والشبهة ، وتلقّى ما سمعه من الاثار الصحيحة بالسّمع والطاعة والقبول والتسليم ، وسألني أن أصنّف [ له ] في هذا المعنى كتاباً ، فأجبته إلى ملتمسه ووعدته جمع ما ابتغى إذا سهّل الله لي العود إلى مستقرِّي ووطني بالرَّي.
فبينا أنا ذات ليلة أفكر فيما خلّفت ورائي من أهل وولد وإخوان ونعمة إذ غلبني النوم فرأيت كأنّي بمكة أطوف حول بيت الله الحرام وأنا في الشوط السّابع عند الحجر الأسود أستلمه وأقبّله ، وأقول : « أمانتي أدّيتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة » فأرى مولانا القائم صاحب الزّمان ـ صلوات الله عليه ـ واقفاً بباب الكعبة ، فأدنو منه على شغل قلب وتقسّم فكر ، فعلم عليهالسلام ما في نفسي بتفرُّسه في وجهي ، فسلّمت عليه فردَّ عليَّ السّلام ، ثم قال لي : لم لا تصنّف كتاباً في الغيبة حتّى تكفي ما قد همّك؟ فقلت له : يا ابن رسول الله قد صنّفت في الغيبة أشياء ، فقال عليهالسلام : ليس على ذلك السّبيل آمرك أن تصنّف [ ولكن صنّف ] (٢) الان كتاباً في الغيبة واذكر فيه غيبات الانبياء عليهمالسلام.
__________________
(١) يعنى عبد الله بن الصلت.
(٢) كذا في النسخ.