|
عليهالسلام فإنَّ الله عزَّ وجلَّ خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وأسكنه جنته ، وأكرمه بكرامة لم يكرم بها أحداً ثمَّ ابتلاه بأعظم بليّة كانت في الدُّنيا وذلك الخروج من الجنّة وهي المصيبة الّتي لا جبر لها ، ثمّ ابتلى إبراهيم عليهالسلام من بعده بالحريق وابتلى ابنه بالذبح ، ويعقوب بالحزن والبكاء ، ويوسف بالرق ، وأيوب بالسقم ، ويحيى بالذِّبح ، وزكريا بالقتل ، وعيسى بالاسر (١) وخلقاً من خلق الله كثيراً لا يحصيهم إلّا الله عزوجل. فلمّا فرغ من هذا الكلام قال لهم : انطلقوا فعزّوا أمَّ الاسكندروس لننظر كيف صبرها فإنّها أعظم مصيبة في ابنها ، فلمّا دخلوا عليها قالوا لها : هل حضرت الجمع اليوم وسمعت الكلام؟ قالت لهم : ما خفي عنّي من أمركم شيء ولا سقط عنّي من كلامكم شيء ، وما كان فيكم أحدٌ أعظم مصيبة باسكندروس منّي ، ولقد صبرني الله تعالى وأرضاني وربط على قلبي ، وإنّي لارجو أن يكون أجري على قدر ذلك ، وأرجو لكم من الاجر بقدر ما رزيتم من فقد أخيكم وأن تؤجروا على قدر ما نويتم في أمّه وأرجو أن يغفر الله لي ولكم ويرحمني وإياكم ، فلمّا رأوا حسن عزائها وصبرها انصرفوا عنها وتركوها ، وانطلق ذو القرنين يسير على وجهه |
__________________
(١) إن قلت : أنَّ ذا القرنين كان قبل ميلاد عيسى عليهالسلام بقرون فكيف يصح ذلك القول؟ وقلت أن قلنا أنَّه بعد الميلاد فكيف يلائم قوله في آخر الخبر « وكان عدة ما سار في البلاد من يوم بعثه الله عزَّ وجلَّ إلى يوم قبضه الله خمسمائة عام ».
قلنا : الامر في أمثال هذه القصص الغير المنقولة عن المعصوم سهل. وأوردها المصنف رحمهالله طرداً للباب نظير الذيول الّتي تداول في عصرنا في جميع المؤلفات من المؤلفين ولعل المصنف رحمهالله أوردها لاجل المواعظ البالغة الّتى ذكر في آخرها ولكن اعلم أنَّه (ره) لم يحتج بامثال هذه القصص وجلت ساحته عن الاحتجاج بها ، ثمّ راجع في تحقيق ذي القرنين بحار الانوار ج ١٢ ص ٢٠٨ إلى ٢١٥ من الطبع الحروفي.