٣٦ ـ وأخبرنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى العلويّ ابن أخي طاهر ببغداد طرف سوق القطن في داره ، قال : قدم أبو الحسن عليُّ بن أحمد بن عليٍّ العقيقيُّ ببغداد في سنة ثمان وتسعين ومائتين إلى عليِّ بن عيسى بن الجرَّاح وهو يومئذ وزير في أمر ضيعة له ، فسأله. فقال له : إنَّ أهل بيتك في هذا البلد كثيرٌ فإن ذهبنا نعطي كلما سألونا طال ذلك. ـ أو كما قال ـ فقال له العقيقي : فإني أسأل من في يده قضاء حاجتي ، فقال له عليُّ بن عيسى : من هو؟ فقال : الله عزَّ وجلَّ ، وخرج مغضباً ، قال : فخرجت وانا أقول : في الله عزاء من كلِّ هالك ، ودرك من كلِّ مصيبة.
قال : فانصرفت فجاءني الرَّسول من عند الحسين بن روح رضياللهعنه وأرضاه فشكوت إليه فذهب من عندي فأبلغه فجاءني الرَّسول بمائة درهم عدداً ووزناً ومنديل وشيء من حنوط وأكفان ، وقال لي : مولاك يقرئك السلام ويقول لك : إذا أهمّك أمر أو غم فامسح بهذا المنديل وجهك ، فإنَّ هذا منديل مولاك عليهالسلام ، وخذ هذه الدَّراهم وهذا الحنوط وهذه الاكفان وستقضى حاجتك في ليلتك هذه ، وإذا قدمت إلى مصر يموت محمّد بن إسماعيل من قبلك بعشرة أيّام ، ثمَّ تموت بعده فيكون هذا كفنك وهذا حنوطك وهذا جهازك.
قال : فأخذت ذلك وحفظته وانصرف الرَّسول وإذا أنا بالمشاعل على بابي والباب يدقّ ، فقلت لغلامي « خير » : يا خير انظر أيَّ شيء هو ذا؟ فقال خير : هذا غلام حميد بن محمّد الكاتب ابن عم الوزير فأدخله إلي فقال لي : قد طلبك الوزير ويقول لك مولاي حميد : اركب إليَّ ، قال : فركبت [ وخبت الشوارع والدُّروب ] وجئت إلى شارع الرَّزَّازين (١) فإذا بحميد قاعد ينتظرني ، فلمّا رآني أخذ بيدي وركبنا فدخلنا على الوزير ، فقال لي الوزير : يا شيخ قد قضى الله حاجتك واعتذر إليَّ ودفع إلي الكتب مكتوبة مختومة قد فرغ منها ، قال : فأخذت ذلك وخرجت.
قال أبو محمّد الحسن بن محمّد فحدّثنا أبو الحسن عليُّ بن أحمد العقيقيُّ رحمهالله بنصيبين بهذا وقال لي : ما خرج هذا الحنوط إلّا لعمّتي فلانة لم يسمّها ، وقد نعيت
__________________
(١) في بعض النسخ « فركبت وفتحت الشوارع والدروب وجئت إلى شارع الوزانين ».