ظلمة ، والعرفاء خونة (١) ، والقرَّاء فسقة ، وظهرت شهادت الزُّور (٢) ، واستعلن الفجور ، وقول البهتان ، والاثم والطغيان ، وحليت المصاحف ، وزخرفت المساجد ، وطولت المنارات ، واكرمت الاشرار ، وازدحمت الصفوف ، واختلفت القلوب ، ونقضت العهود ، واقترب الموعود ، وشارك النساء أزواجهنَّ في التّجارة حرصاً على الدُّنيا ، وعلت أصوات الفسّاق واستمع منهم ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، واتّقي الفاجر مخافة شرِّه ، وصدِّق الكاذب ، وائتمن الخائن. واتخذت القيان والمعازف (٣) ، ولعن آخر هذه الاُمّة أوَّلها ، وركب ذوات الفروج السروج ، وتشبّه النساء بالرِّجال ، والرِّجال بالنساء ، وشهد الشاهد من غير أن يُستشهد ، وشهد الاخر قضاء لذمام بغير حقٍّ عرفه وتفقُّه لغير الدِّين ، وآثروا عمل الدُّنيا على الاخرة ، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذِّئاب ، وقلوبهم أنتن من الجيف وأمرُّ من الصبر ، فعند ذلك الوحا الوحا (٤) ، ثمّ العجل العجل ، خير المساكن يومئذ بيت المقدَّس ، وليأتينَّ على النّاس زمانٌ يتمنى أحدهم (٥) أنَّه من سكانه.
فقام إليه الأصبغ بن نباتة فقال : يا أمير المؤمنين من الدَّجّال؟ فقال : إلّا إنَّ الدَّجّال صائد بن الصيد (٦) ، فالشقي من صدقه. والسعيد من كذَّبه ، يخرج من بلدة يقال لها إصفهان ، من قرية تعرف باليهوديّة ، عينه اليمنى ممسوحة ، والعين الاخرى في جبهته تضيء كأنّها كوكب الصبح ، فيها علقة كأنها ممزوجة بالدَّم ، بين عينيه مكتوب كافر ، يقرؤه كلُّ كاتب واُمّيٍّ ، يخوض البحار وتسير معه الشمس ، بين يديه جبل
__________________
(١) المراد بالعرفاء هنا جمع عريف وهو العالم بالشيء والذى يعرف أصحابه والقيم بامر القوم والنقيب.
(٢) في بعض النسخ « شهادات الزور ».
(٣) جمع قنية : الاماء المغنيات.
(٤) الوحا الوحا يعني السرعة السرعة ، البدار البدار.
(٥) في بعض النسخ « يود احدهم ».
(٦) في بعض النسخ « صائد بن الصيد ». وفي سنن الترمذي « ابن صياد ».