طرق الباب فقالت أمّه : ادخل ، فدخل فإذا هو في نخلة يغرد فيها (١) ، فقالت له أمّه : اسكت وانزل هذا محمّد قد أتاك فسكت ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : ما لها لعنها الله لو تركتني لأخبرنكم أهو هو.
فلمّا كان في اليوم الثالث صلّى النبيُّ صلىاللهعليهوآله بأصحابه الفجر ، ثمّ نهض ونهض القوم معه حتّى أتى ذلك المكان فإذا هو في غنم له ينعق بها ، فقالت له أمّه : اسكت واجلس هذا محمّد قد أتاك ، فسكت وجلس وقد كانت نزلت في ذلك اليوم آيات من سورة الدُّخان فقرأها بهم النبيُّ صلىاللهعليهوآله في صلاة الغداة ، ثمّ قال : أتشهد أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله؟ فقال : بل تشهد أن لا إله إلّا الله وأني رسول الله فما جعلك الله بذلك أحقَّ منّي.
فقال النبيُّ صلىاللهعليهوآله : إنّي قد خبأت لك خبيئاً فما هو؟ فقال : الدُّخ الدُّخ (٢) فقال النبيُّ صلىاللهعليهوآله : إخسأ فانّك لن تعدو أجلك ، ولن تبلغ أملك ولن تنال إلّا ما قُدِّر لك.
ثمَّ قال لاصحابه : أيّها النّاس ما بعث الله عزَّ وجلَّ نبيّاً إلّا وقد أنذر قومه الدَّجّال ، وإنَّ الله عزَّ وجلَّ قد أخره إلى يومكم هذا فمهما تشابه عليكم من أمره فإنَّ ربّكم ليس بأعور ، أنَّه يخرج على حمار عرض ما بين أذنيه ميل ، يخرج ومعه جنة ونار وجبل من خبز ونهر من ماء ، أكثر أتباعه اليهود والنساء والاعراب ، يدخل آفاق الأرض كلّها إلّا مكة ولا بتيها ، والمدينة ولا بتيها (٣).
قال مصنّف هذا الكتاب رضياللهعنه : أنَّ أهل العناد والجحود يصدقون بمثل هذا الخبر ويروونه في الدَّجال وغيبته وطول بقائه المدَّة الطويلة وخروجه في آخر الزَّمان ، ولا يصدِّقون بأمر القائم عليهالسلام وأنّه يغيب مدة طويلة ، ثمّ يظهر فيملأ
__________________
(١) الغر ـ بالتحريك ـ التطريب في الصوت والغناء.
(٢) يعنى الدخان ، وخبات أي سترت.
(٣) لابتا المدينة : حرتاه ، واللابة : الحرة وهي الأرض ذات الحجارة السود الّتي فد البستها لكثرتها.