النظر والانصاف أولى ما يعامل به أهل الدِّين وليس قول أبي الحسن ليس لنا ملجأ نرجع إليه ولا قيّماً نعطف عليه ولا سنداً نتمسّك بقوله حجّة لأنّ دعواه هذا مجرّد من البرهان ، والدّعوى إذا انفردت عن البرهان كانت غير مقبول عند ذوي العقول والالباب ولسنا نعجز عن أن نقول : بلى لنا ـ والحمد لله ـ من نرجع إليه ونقف عند أمره ومن كان ثبتت حجّته وظهرت أدلّته ، فإنَّ قلت : فأين ذلك؟ دلّونا عليه قلنا : كيف تحبّون أن ندلّكم عليه أتسألوننا أن نأمره أن يركب ويصير إليكم ويعرض نفسه عليكم أو تسألونا أنَّ نبني له داراً ونحوّله إليها ونعلم بذلك أهل الشرق والغرب فإنَّ رمتم ذلك فلسنا نقدر عليه ولا ذلك بواجب عليه ، فإنَّ قلتم : من أيِّ وجه تلزمنا حجّته وتجب علينا طاعته؟ قلنا : إنّا نقرُّ أنَّه لا بدّ من رجل من ولد أبي الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ عليهماالسلام تجب به حجّة الله دللناكم على ذلك حتّى نضطرُّكم إليه أن أنصفتم من أنفسكم ، وأوَّل ما يجب علينا وعليكم أن لا نتجاوز ما قد رضي به أهل النظر واستعملوه ورأوا أنَّ من حاد عن ذلك فقد ترك سبيل العلماء ، وهو أنّا لا نتكلّم في فرع لم يثبت أصله وهذا الرجل الّذي تجحدون وجوده فانّما يثبت له الحقُّ بعد أبيه وأنتم قوم لا تخالفونا في وجود أبيه فلا معنى لترك النظر في حق أبيه والاشتغال (١) بالنظر معكم في وجوده فانه إذا ثبت الحق لابيه ، فهذا ثابت ضرورة عند ذلك باقراركم ، وإن بطل أن يكون الحقُّ لابيه فقد آل الأمر إلى ما تقولون وقد أبطلنا ، وهيهات لن يزداد الحقّث إلّا قوة ولا الباطل إلّا وهناً ، وإن زخرفه المبطلون ، والدّليل على صحّة أمر أبيه إنّا وإياكم مجمعون على أنَّه لا بد من رجل من ولد أبي الحسن تثبت به حجّة الله وينقطع به عذر الخلق وإن ذلك الرجل تلزم حجّته من نأى عنه من أهل الاسلام كما تلزم من شاهده وعاينه ونحن وأكثر الخلق ممّن قد لزمتنا الحجّة من غير مشاهدة فننظر في الوجه الّذي لزمتنا منه الحجّة ما هي ، ثمّ ننظر من أولى من الرّجلين اللّذين لا عقب لابي ـ الحسن غيرهما فأيهما كان أولى فهو الحجّة والامام ولا حاجة بنا إلى التطويل ، ثمّ
__________________
(١) في بعض النسخ « والانتقال ».