زبرجد ولؤلؤ ، واصنعوا تحت تلك المدينة أعمدة من زبرجد وعلى المدينة قصوراً ، وعلى القصور غرفاً ، وفوق الغرف غرفاً ، وأغرسوا تحت القصور في أزقّتها أصناف الثمار كلّها وأجروا فيها الأنهار حتّى يكون تحت أشجارها ، فإنّي قرأت في الكتب صفة الجنّة وأنا احبُّ أن أجعل مثلها في الدُّنيا.
قالوا له : كيف نقدر على ما وصفت لنا من الجواهر والذَّهب والفضّة حتّى يمكننا أن نبني مدينة كما وصفت؟.
قال شدَّاد : إلّا تعلمون أنَّ ملك الدُّنيا بيدي؟ قالوا : بلى ، قال : فانطلقوا إلى كلِّ معدن من معادن الجواهر والذَّهب والفضّة فوكّلوا بها حتّى تجمعوا ما تحتاجون إليه ، وخذوا ما تجدونه في أيدي النّاس من الذّهب والفضّة.
فكتبوا إلى كلِّ ملك في الشرق والغرب فجعلوا يجمعون أنواع الجواهر عشر سنين فبنوا له هذه المدينة في مدَّة ثلاثمائة سنّة ، وعمر شدَّاد تسعمائة سنّة فلمّا أتوه وأخبروه بفراغهم منها قال : انطلقوا فاجعلوا عليها حصناً ، واجعلوا حول الحصن ألف قصر ، عند كلِّ قصر ألف علم ، يكون في كلِّ قصر من تلك القصور وزيرٌ من وزرائي فرجعوا وعملوا ذلك كلّه له ، ثمَّ أتوه فأخبروه بالفراغ منها كما أمرهم به ، فأمر النّاس بالتجهيز إلى إرم ذات العماد فأقاموا في جهازهم إليها عشر سنين.
ثمَّ سار الملك يريد إرم فلمّا كان من المدينة على مسيرة يوم وليلة بعث الله عزَّ وجلَّ عليه وعلى جميع من كان معه صيحة من السّماء فأهلكتهم جميعاً وما دخل إرم ولا أحدٌ ممّن كان معه ، فهذه صفة إرم ذات العماد الّتي لم يخلق مثلها في البلاد.
وإنّي لاجد في الكتب أنَّ رجلاً يدخلها ويرى ما فيها ثمّ يخرج ويحدِّث النّاس بما يرى فلا يصدَّق ، وسيدخلها أهل الدِّين في آخر الزمان.
قال مصنّف هذا الكتاب رضياللهعنه : إذا جاز أن يكون في الأرض جنّة مغيبة عن أعين النّاس لا يهتدي إلى مكانها أحدٌ من النّاس ولا يعلمون بها ويعتقدون صحّة كونها من طريق الأخبار ، فكيف لا يقبلون من طريق الأخبار كون القائم عليهالسلام الان في غيبته ، وإذا جاز أن يعمر شدّاد بن عاد تسعمائة سنّة فيكف لا يجوز أن يعمر القائم