ألا يـا سلم أعياني قيامي |
|
وأعيتني المكاسب والذُّهوب (١) |
وصرت رذية (٢) في البيت كلّا |
|
تأذَّى بـي إلّا باعد والقريب |
كذاك الدَّهر والأيّام خون (٣) |
|
لها في كلِّ سائمة نصيـب |
وعاش عوف بن كنانة الكلبيُّ ثلاثمائة سنّة فلمّا حضرته الوفاة جمع بنيه فأوصاهم وهو عوف بن كنانة بن عوف بن عذرة بن زيد بن ثور بن كلب فقال : يا بنيَّ احفظوا وصيّتي فإنّكم أن حفظتموها سدتم قومكم من بعدي :
إلهكم فاتقوه ، ولا تحزنوا ولا تخونوا ، ولا تثيروا السباع (٤) من مرابضها فتندموا وجاوزوا النّاس بالكف عن مساويهم فتسلموا وتصلحوا ، وعفّوا عن الطلب إليهم ولا تستقلوا (٥) ، وألزموا الصمت إلّا من حقٍّ تحمدوا ، وابذلوا لهم المحبّة تسلم لكم الصدور ، ولا تحرموهم المنافع فيظهروا الشكاة ، وتكونوا منهم في ستر ينعم بالكم ، ولا تكثروا مجالستهم فيُستخفّ بكم ، وإذا نزلت بكم معضلة فاصبروا لها ، وألبسوا للدَّهر أثوابه فإنَّ لسان الصدق مع المسكنة خيرٌ من سوء الذِّكر مع الميسرة ، ووطّنوا أنفسكم على المذلة لمن تذلّل لكم فإنَّ أقرب الوسائل المودَّة ، وإنَّ أتعبت النشب البغضة ، وعليكم بالوفاء ، وتنكّبوا العذر يأمن سربكم ، [ وأصيخوا للعدل ] وأحيوا الحسب بترك الكذب فإنَّ آفة المروءة الكذب والخلف ، ولا تعلموا النّاس أقتاركم فتهونوا عليهم وتخملوا ، وإياكم والغربة فإنّها ذلّة ، ولا تضعوا الكرائم إلّا عند الأكفاء وابتغوا لانفسكم المعالي ، ولا يختلجنّكم جمال النساء عن الصحة (٦) فإنَّ نكاح
__________________
(١) في بعض النسخ « الرهوب » وفي بعضها « الركوب ».
(٢) الرذى من أثقله المرض والضعف من كلّ شيء (القاموس).
(٣) جمع الخوان : ما يؤكل عليه الطعام.
(٤) في بعض النسخ « تستثيروا السباع ».
(٥) في بعض النسخ « لئلّا تستثقلوا ».
(٦) في رواية « عن صراحة النسب ». وفي بعض النسخ « عن النصيحة ». وفي وصية أكثم بن صيفي « يا بني لا يغلبنكم جمال النساء عن صراحة النسب.