والفرج في الآخرة ، فإنَّ ملك الأرض وسلطانها زائل ، ولذَّاتها منقطعة ، فمن اغترّ بها هلك وافتضح ، لو قد وقف على ديّان الدِّين الّذي لا يدين إلّا بالحقِّ ، فإنَّ الموت مقرون مع أجسادكم وهو يتراصد أرواحكم أن يكبكبها مع الأجساد.
واعلموا أنَّه كما أنَّ الطير لا يقدر على الحياة والنجاة من الأعداء من اليوم إلى غد إلّا بقوّة من البصر والجناحين والرِّجلين ، فكذلك الانسان لا يقدر على الحياة والنّجاة إلّا بالعمل والايمان والعمل الصالح وأفعال الخير الكاملة ، فتفكّر أيّها الملك أنت والأشراف فيما تسمعون وافهموا واعتبروا ، واعبروا البحر ما دامت السّفينة ، واقطعوا المفازة ما دام الدّليل والظهر والزَّاد ، واسلكوا سبيلكم ما دام المصباح ، واكثروا من كنوز البرِّ مع النّساك ، وشاركوهم في الخير والعمل الصّالح ، وأصلحوا التبع وكونوا لهم أعواناً ، ومروهم بأعمالكم لينزلوا معكم ملكوت النّور ، واقبلوا النّور ، واحتفظوا بفرائضكم ، وإيّاكم أن تتوثّقوا إلى أماني الدُّنيا وشرب الخمور وشهوة النساء من كلِّ ذميمة وقبيحة مهكلة للرُّوح والجسد واتّقوا الحمية والغضب والعداوة والنميمة ، وما لم ترضوه أن يؤتى إليكم فلا تأتوه إلى أحد ، وكونوا طاهري القلوب ، صادقي النيات لتكونوا على المنهاج إذا أتاكم الاجل.
ثمَّ انتقل من أرض سولابط وسار في بلاد ومدائن كثيرة حتّى أتى أرضاً تسمّى قشمير فسار فيها وأحيا ميّتها ومكث حتّى أتاه الأجل الّذي خلع الجسد ، وارتفع إلى النور ، ودعا قبل موته تلميذاً له اسمه ايابد الّذي كان يخدمه ويقوم عليه ، وكان رجلاً كاملاً في الأُمور كلّها ، وأوصى إليه ، وقال : أنَّه قد دنا ارتفاعي عن الدُّنيا ، واحتفظوا بفرائضكم ، ولا تزيغوا عن الحقِّ ، وخذوا بالتنسك ثمّ أمر ايابذ أن يبني له مكاناً فبسطه هو رجليه وهيّأ رأسه إلى المغرب ووجهه إلى المشرق ثمّ قضي نحبه.
|
قال مصنّف هذا الكتاب : ليس هذا الحديث وما شاكله من أخبار المعمّرين وغيرهم ممّا أعتمده في أمر الغيبة وقوعها ، لأنّ الغيبة إنما |