ممّا يزع القرآن » (١) وقد نطق بمثله قوله عزَّ وجلَّ : « لانتم أشد رهبة في صدورهم من الله » (٢) فوجب أن ينصب عزَّ وجلَّ خليفة يقصر من أيدي أعدائه عن أوليائه ما تصحُّ به ومعه الولاية لانّه لاولاية مع من أغفل الحقوق وضيّع الواجبات ووجب خلعه في العقول. جلَّ الله تعالى عن ذلك ، والخليفة اسم مشترك لانّه لو أنَّ رجلاً بنى مسجداً ولم يؤذِّن فيه ونصب فيه مؤذِّنا كان مؤذِّنه ، فأمّا إذا أذن فيه أياما ثم نصب فيه مؤذنا كان خليفته ، وكذلك الصورة في العقول والمعارف متى قال البندار : (٣) هذا خليفتي كان خليفته على البندرة لا على البريد والمظالم ، فكذلك القول في صاحبي البريد والمظالم ، فثبت أنَّ الخليفة من الاسماء المشتركة ، فكان من صفة الله تعالى ذكره الانتصاف لاوليائه من أعدائه ، فوكل من ذلك معنى إلى خليفته فلهذا الشأن استحقَّ معنى الخليفة دون معنى أن يتّخذ شريكاً معبوداً مع الله سبحانه ، ولهذا من الشأن قال الله تبارك وتعالى لابليس : « يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت » ثمّ قال : عزَّ وجلَّ « بيدي أستكبرت » (٤) وذلك أنَّه يقطع العذر ولا يوهم أنَّه خليفة شارك الله في وحدته ، فقال : بعد ما عرفت أنَّه خلق الله ما منعك أن تسجد ، ثمّ قال : « بيدي أستكبرت » (٥) واليد في اللغة قد تكون بمعنى النعمة وقد كان الله عزَّ وجلَّ عليه نعمتان حوتا نعما (٦) كقوله عزَّ وجلَّ « وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة » (٧) وهما نعمتان حوتا
__________________
(١) أي ما يمنع الحاكم أكثر مما يمنع القرآن.
(٢) الحشر : ١٣.
(٣) البندار ـ بضم الميم ـ : من بيده ديوان الخراج ، ويقال لمحمد بن بشار البصري : « بندار » لانه جمع حديث أهل بلده.
(٤) سورة ص : ٧٥ وتمامها « أم كنت من العالين ».
(٥) يعنى الباء في قوله « بيدى » ليست متعلقة بخلقت حتى تكون اليد بمعنى القدرة ، بل متعلقة بفعل متأخر هو قوله « استكبرت ». أقول : وفيه مالا يخفى لان الهمزة للاستفهام بقرينة « أم » وشأنها الصدر وعليه فلا يصح أن يكون ما قبلها معمولا لما بعدها كما حقق في محله ، وفي حديث عن الرضا عليهالسلام قال : يعني بقدرتي وقوتي.
(٦) في بعض النسخ « جرتا نعما » وكذا ما يأتي.
(٧) لقمان : ٢٠.