أنَّ الوعد من الله عزَّ وجلَّ ثابت من غير النبوَّة وثبت أنَّ الخلافة تخالف النبوَّة بوجه وقد يكون الخليفة غير نبيِّ ولا يكون النبيُّ إلّا خليفة.
وآخر : هو أنَّه عزَّ وجلَّ أراد أن يظهر باستعباده الخلق بالسجود لآدم عليهالسلام نفاق المنافق وإخلاص المخلص كما كشفت الأيّام والخبر عن قناعيهما أعني ملائكة الله والشيطان ، ولو وكل ذلك المعنى ـ من اختيار الامام ـ إلى من أضمر سوءا لما كشفت الأيّام عنه بالتعرُّض ، وذلك أنَّه يختار المنافق من سمحت نفسه بطاعته والسجود له ، فكيف وأنّى يوصل إلى ما في الضمائر من النفاق والاخلاص والحسد والدَّاء ـ الدَّفين.
ووجه آخر : وهو أنَّ الكلمة تتفاضل على أقدار المخاطب والمخاطَب ، فخطاب الرَّجل عبده يخالف خطاب سيّده ، والمخاطب كان الله عزَّ وجلَّ ، والمخاطَبون ملائكة الله أوَّلهم وآخرهم ، والكلمة العموم لها مصلحة عموم كما أنَّ الكلمة الخصوص لها مصلحة خصوص ، والمثوبة في العموم أجل من المثوبة في الخصوص كالتوحيد الّذي هو عموم على عامّة خلق الله يخالف الحجَّ والزَّكاة وسائر أبواب الشرع الّذي هو خصوص فقوله عزَّ وجلَّ : « وإذ قال ربك للملئكة إني جاعل في الأرض خليفة » دلَّ على أنَّ فيه معنى من معاني التوحيد لما أخرجه مخرج العموم ، والكلمة إذا جاورت الكلمة في معنى لزمها ما لزم أختها إذا جمعهما معنى واحد ، ووجه ذلك أنَّ الله سبحانه علم أنَّ من خلقه من يوحده ويأتمر لامره ، وأن لهم أعداء يعيبونهم ويستبيحوا حريمهم ، ولو أنَّه عزَّ وجلَّ قصر الايدي عنهم جبراً وقهراً لبطلت الحكمة وثبت الاجبار رأساً (١) ، وبطل الثواب والعقاب والعبادات ، ولمّا استحال ذلك وجب أن يدفع عن أوليائه بضرب من الضروب لا تبطل به ومعه العبادات والمثوبات فكان الوجه في ذلك إقامة الحدود كالقطع والصلب والقتل والحبس وتحصيل الحقوق كما قيل : « ما يزع السّلطان أكثر
__________________
(١) في بعض النسخ « لبطلت الحكمة وتنيه الاختيار ». وفي بعضها « وفائدة الاختيار » وفي بعضها « وتب الاختيار ».