ذكر بداية ولاية الأمير الماضى أبى إبرهيم إسماعيل بن أحمد السامانى
أول السلاطين السامانيين ، وكان فى الحقيقة ملكا جديرا وقمينا بالملك ، ورجلا عاقلا عادلا رحيما صاحب رأى وتدبير ، يظهر الطاعة دائما للخلفاء ويرى متابعتهم واجبة ولازمة. وفى يوم السبت منتصف ربيع الآخر سنة سبع وثمانين ومائتين (٩٠٠ م) أسر عمرا بن الليث فى بلخ واستولى على المملكة وتولى الملك مدة ثمانى سنوات ، وقد لحق بجوار رحمة الحق فى سنة خمس وتسعين ومائتين (٩٠٧ م) ببخارى عليه الرحمة والغفران.
وقد ولد (١) بفرغانة فى شهر شوال سنة أربع وثلاثين ومائتين (٨٤٨ م) ولما بلغ السادسة عشر توفى أبوه ، وقد رباه أخوه الأكبر الأمير نصر وكان يعمل فى خدمته. ولما جاء الحسين بن طاهر الطائى من خوارزم (٢) إلى بخارى فى ربيع الآخر سنة مائتين وستين (٨٧٣ م) وقعت بينه وبين أهل بخارى حروب واستولى على المدينة بعد خمسة أيام واقتص من أهل بخارى فى المدينة والرستاق (٣) وقتل أشخاصا كثيرين وأطلق (الجند) الخوارزمية فأخذوا فى السرقة والمصادرة وكانوا يسطون ليلا على المنازل فى مكابرة ويرتكبون الجنايات الجسيمة ويأخذون الأموال ، فخرج أهل بخارى لحربه ، وقتل أشخاص كثيرون واحترق ثلث المدينة ، ولما تغلب أهل المدينة نادى بالأمان ، ولما سمع الناس الذين كانوا قد تجمعوا واستعدوا للحرب بخبر الأمان تفرقوا وذهب بعضهم إلى الرستاق. فلما علم الحسين بن طاهر أن الناس تفرقوا وضع فيهم السيف وقتل خلقا عظيما ، فشغب الناس ثانيا وهزم الحسين بن
__________________
(١) توجد كلمة «ولايت» بدل «ولادت» فى متن شيفر ومدرس رضوى ، وقد أشار مدرس رضوى فى حاشية ص ٩١ إلى وجود كلمة (ولادت) فى إحدى النسخ وهذا ما يتمشى مع السياق والحقيقة فأخذنا به.
(٢) هذه الكلمة ترسم فى الفارسية هكذا ولكنها تنطق (خارزم) بحذف الواو المعدولة.
(٣) نص العبارة الفارسية «وبا أهل بخارا عذر شهر وروستا كرد» والسياق يرجح المعنى الذى ذهبنا إليه والترجمة الحرفية لا تعطى معنى مفهوما فى العربية.