عبد الجبار بن حمزة وقال : يا أبا الفتح ، إن هذا الصبى الذى نبعت به ترى ما عسانا نرى منه؟ فقال عبد الجبار : لا تقل هذا فإنه عبدك [بشرط أن يعمل الأمير إسماعيل كل ما تأمر به ولا يخالفك أبدا. فقال إن ما أقوله هو الحقيقة. فقال عبد الجبار ، فبم حكمت إذن؟ فقال الأمير نصر : إننى أرى الخلاف والعصيان فى عينيه وشمائله](١) ، فلما وصل الأمير إسماعيل إلى بخارى ، استقبله أهلها وأدخلوه المدينة بكل إعزاز. وكان أحد اللصوص قد جمع حوله الخلق ، وتجمع من أوباش وفتّاك (٢) الرستاق أربعة آلاف رجل ، وكانوا جميعا يقطعون الطريق بين رامتين وبركد ، وكادوا يقصدون المدينة. فبعث الأمير إسماعيل صاحب شرطته الحسين بن العلاء الذى بنى حظيرة بخارى وسمى حى علاء باسمه ، لحرب هؤلاء اللصوص ، وعاونه من أهل بخارى العظماء والكبراء وذهبوا وحاربوا وهزموا اللصوص ، وانتصر عليهم الحسين بن العلاء وقبض على كبير اللصوص وقتله وأتى برأسه وقبض على جماعة منهم كانوا يعاونونه ، فأوثقهم الأمير إسماعيل وبعث بهم إلى سمرقند. ولما فرغوا من هذه المهمة أخبر بأن الحسين بن طاهر عاد فجأة بألفى رجل إلى آموى (جيحون) وقصد بخارى فجمع الأمير إسماعيل من العسكر ما استطاع وذهب لحربه ، فأخبروه أن الحسين بن طاهر عبر جيحون بألفى رجل خوارزمى (٣) ، فركب الأمير إسماعيل وخرج وتقاتلوا قتالا عنيفا وهزم الحسين ابن طاهر وقتل بعض عسكره وغرق بعض آخر فى النهر وأسر منهم سبعون رجلا. وكانت هذه أولى الحروب التى خاضها الأمير إسماعيل. فلما أصبح الصباح استدعى الأسرى وأعطى كل واحد منهم ثوبا من الكرباس وردهم. فذهب الحسين بن
__________________
(١) العبارة التى بين القوسين [...] ترجمناها من نسخة مدرس رضوى ، وهى غير موجودة فى نسخة شيفر.
(٢) فتاك جمع فاتك ، وهو الذى يركب ما تدعو إليه نفسه دون مبالاة ، وفتاك ترجمة «رندان» الفارسية جمع «رند» ولها نفس المعنى.
يقول بشار بن برد :
من راقب الناس لم يظفر بحاجته |
|
وفاز بالطيبات الفاتك اللهج |
(٣) خوارزمى نسبة إلى خوارزم وتنطق «خارزمى وخارزم»